الكثير منا ربما راودته فكرة اعتزال مواقع السوشيال ميديا، أو التقليل من استخدام تلك التطبيقات. ويعود هذا التفكير - غالبا- إلى التأثيرات النفسية والجسدية التي يسببها إدمان هذه المواقع. والملاحظ حاليا في الدول الغربية عزوف أو توقف مؤقت عن وسائل التواصل الاجتماعي، ربما بسبب ارتفاع الوعي بأهمية الصحة النفسية. قبل فترة أعلن مالك منصة توتير (إيلون ماسك) أنه سيضع حدا أقصى للتغريدات التي يمكن الاطلاع عليها يوميا، كما أطلقت شركة (ميتا) التي تملك (فيسبوك وإنستجرام وواتساب) منصة (ثريدز) التي تعد نوعا ما صحية، نظرا لخلوها من الإعلانات والترويج للمشاهير، وكذلك عدم استخدام العلامات التجارية. إن التأثير النفسي لوسائل التواصل يبدأ من عدد الساعات الطويلة التي قد تعزز الشعور بالوحدة والعزلة. كما أصبحت وسائل التواصل وسيلة هروب من الواقع، والوقوع في فخ المقارنة بين هوية الشخص وبين الآخرين من المشاهير. كذلك ساهمت وسائل التواصل في القضاء على التواصل الواقعي مع العائلة والأقارب والأصدقاء، ما تسبب في زيادة أعراض الاكتئاب والقلق. الاطلاع على الأخبار السلبية بشكل مستمر قد تتولد عنه زيادة المشاعر السلبية وانحسار الحالة النفسية. ويرى المختصون أن هناك علامات يجب عند ظهورها التوقف المؤقت عن استخدام وسائل التواصل، أو الإقلاع عن استخدامها. وأولى هذه العلامات، عندما يزداد لديك شعور عدم الرضا بمجرد تصفح مواقع التواصل. إن مقارنة أوضاعك المالية والنفسية والاجتماعية بما تراه على وسائل التواصل قد لا يكون حقيقيا وإنما مجرد زيف وادعاء، فيشعرك بالنقمة على نفسك، ويولد لديك الكثير من الأفكار السلبية. كذلك تستطيع الجوالات الذكية حاليا احتساب الساعات التي قضيتها في تصفح مواقع التواصل يوميا، فاحرص على ألا تزيد المدة عن معدل ساعة في اليوم الواحد، مع وضع خطة عمل لتخفيض الوقت المستخدم. أيضا من العلامات، عندما تلاحظ أنك أصبحت تستثار بسهولة، وأن مشاعر الغضب تظهر مع أبسط المواقف، فعليك التوقف فورا عن استخدام تلك المواقع، والبحث عن البدائل من أجل السلام النفسي. ويرى علماء النفس أن حالات الهلع والقلق الذي تصيب الشخص عند ابتعاده عن جواله لفترة من الزمن ولو لدقائق معدودة، ربما تكون أحد المؤشرات على وجوب بدء مرحلة الإقلاع عن إدمان تلك المواقع، ولعل أفضل الطرق تكون بتعطيل الحساب لفترة أو بحذفه. ومن أخطر الأعراض التي تشير إلى إدمان مواقع التواصل، هو الحرص على مشاركة نشاطاتك اليومية من أكل وشرب ورياضة، ومناسبات عائلية مع الآخرين، وأن يصبح معدل الرضا والسعادة لديك هو عدد الإعجابات والتعليقات على منشوراتك. كذلك تؤكد الدراسات العلمية أن ما يقارب 75 % من مستخدمي الهواتف الذكية يفتحون جوالاتهم عند استيقاظهم صباحا، وقبل خلودهم للنوم، وأن مثل هذه العادات انعكست بشكل سلبي على الحالة النفسية لأولئك المستخدمين. وأخيرا إذا لاحظت أيا من تلك الأعراض، فما عليك سوى البحث عن البدائل المناسبة للحفاظ على صحتك النفسية والجسدية.