كشفت دراسة كندية حديثة حول أعلى الدول في معدلات إدمان الهواتف الذكية عن تصدر الصين والسعودية وماليزيا القائمة، فيما تذيلت القائمة ألمانيا وفرنسا، ويعرّف المختصون إدمان الهاتف الذكي بأنه الاستخدام المفرط والخوف من عدم توافره أو انقطاع استخدامه. وتشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 3.8 مليار يستخدمون الهواتف الذكية في العالم. واحتلت السعودية المرتبة الثانية عالمياً بعد الصين والأولى عربياً في درجة الاستخدام، وأوضحت الهيئة العامة للإحصاء في المملكة في 2018 أن نسبة مستخدمي الهواتف الذكية بلغت 73.28 من إجمالي السكان في المملكة، فيما بلغت نسبة إدمان الهواتف الذكية لدى طلبة إحدى الجامعات السعودية نحو 48%. في حين أظهرت دراسة ثانية نسبة وصلت إلى 38.4%. وكشفت دراسة أخرى، عن الساعات الطويلة التي يقضيها الشباب بالإنترنت عبر الهواتف الذكية؛ خاصة أثناء المساء ما يؤثر على النوم الصحي والراحة. كما أظهرت إحدى الدراسات السعودية تأثير إدمان الهاتف الذكي سلباً على جودة حياة الطلاب. غضب واكتئاب عند الانقطاع الأستاذ المشارك في علم النفس الإكلينيكي الدكتور أحمد عمرو عبدالله أوضح ل«عكاظ»، أن هنالك نوعين من الدوافع الاجتماعية خلف استخدام الهواتف الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي بشكل خاص؛ إما للتعزيز الاجتماعي أو التعويض، فإذا كان الاستخدام بدافع التعزيز الاجتماعي فلا ضرر في ذلك فيتم الاستخدام في هذه الحالة كفرصة إضافية للتفاعل مع الآخرين، أما إذا كان الاستخدام بدافع التعويض الاجتماعي فسيكون الاستخدام معززاً للقلق الاجتماعي ولبعض مظاهر الاكتئاب. وبما أن التواصل مع الأهل والأصدقاء افتراضيًا أقل إشباعًا عاطفيا مقارنة بالتواصل الواقعي، فلا نستغرب هنا عندما نجد أن الأفراد الذين يقضون وقتًا أطول على وسائل التواصل يشعرون بالعزلة. وأشار عمرو، إلى أن هناك خطاً رفيعاً بين الاستخدام الصحي أو القهري للهواتف، فالاعتماد المفرط يمكن أن يؤدي إلى إدمان استخدام الهاتف والمنصات، ومن بين علامات وأعراض الإدمان، الكذب بشأن استخدام الهاتف الذكي. والعزلة والإهمال أو الصعوبة في إكمال مهام العمل أو الدراسة أو المنزل. واستغراق المزيد من الوقت في استخدام الهاتف والاستيقاظ ليلا لمتابعة الهاتف وتطبيقاته، والغضب في حال انقطاع الاستخدام. إدمان «السيلفي» وحصد الإعجابات بيّن الدكتور عمرو أن الهواتف الذكية وما تحتويه من تطبيقات قد تلعب الدور البديل للعب والترفيه والأنشطة والتواصل. فبإمكانها أن تقطع الوقت الذي يقضيه الأفراد في الأنشطة التي تجعلهم يشعرون بالرضا، مثل التمارين والهوايات، بل حتى المذاكرة والعمل أيضاً. فبدلاً من أن يقوم الفرد بنشاطاته اليومية مع أسرته وأصدقائه، أصبح يقوم بها بمفرده على مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهواتف، فلا نلوم الطفل أو المراهق حينها عندما نجده حبيس غرفته، ويعد ذلك أحد أكبر الاختلافات في حياة الجيل الحالي مقارنة بالأجيال السابقة، كونهم يقضون وقتاً أقل بكثير في التواصل مع أقرانهم واقعياً. وأفاد عمرو، بأن إحدى الدراسات أشارت إلى أن المراهقين أكثر عرضة للإدمان على الهواتف والمنصات، ويبلغ ذروته خلال سنوات المراهقة وينخفض تدريجياً بعد ذلك. كما أن هناك العديد من السمات والمتغيرات النفسية المرتبطة بإدمان الهاتف الذكي كتقدير الذات السلبي والقلق والاكتئاب. كما تؤثر ضغوط الأقران على صعوبة الابتعاد عن الهواتف الذكية، حتى لو كانت الهواتف وتطبيقاتها تؤثر سلباً. فقد يدخل هؤلاء الأفراد في حالة من التنافس في أكثر المشاركات والمنشورات أعجاباً، بل يتخطى الأمر كل ذلك إلى إدمان الصور الذاتية (السيلفي) فيؤثر بالطبع هذا الانشغال غير الطبيعي على الحالة المزاجية فيجعلها أكثر تقلباً، فيصبح الفرد أكثر سعادة وامتناناً من منشور أو رسالة عبر مواقع التواصل، ولا يمضي كثير من الوقت إلا ويتغير مزاجه إلى الأسوأ بمنشور ورسالة أخرى. ما العلاج ؟ يقول الأستاذ المشارك في علم النفس الإكلينيكي الدكتور أحمد عمرو: حان الوقت لاتخاذ خطوات لتغيير طريقة تفاعلك مع هاتفك للمساعدة في الحد من التأثيرات السلبية على حياتك. أولًا قد يحاول مستخدمو الهواتف الذكية بشكل قهري تجنب المشكلات في حياتهم التي يصعب حلها ويجدون في هذه الأجهزة وسيلة تعويضية سلبية، وبالتالي فقد يكون حل المشكلة الأساسية هو بداية خفض درجة اعتمادك على هذه الأجهزة، ومن ثم تقليل حاجتك إلى إرسال الرسائل النصية والتغريدات والنشر بشكل قهري. وينصح مدمن الهاتف الذكي قائلا: قم بإزالة التطبيقات التي تستغرق وقتًا طويلاً. ضع بعض الحواجز حول استخدام هاتفك التي تجبرك على التفكير قليلا قبل فتح الجوال. كما أن إدارة الوقت والأولويات أحد الأساليب الناجحة في محاولة ضبط سلوك إدمان مواقع التواصل الاجتماعي، والألعاب الإلكترونية، من خلال تحديد الهام والعاجل والقيام به أولًا، أي القيام بالالتزامات الحياتية اليومية أولًا، ولا مانع بعدها من استخدام الألعاب ومواقع التواصل الاجتماعي، وقد تكون هذه وسيلة لترشيد الاستخدام، لأن الوقت الذي سيتبقى للفرد في النهاية قليل. الأمر الآخر سينتج عن الالتزام بالمهام الحياتية خفض الضرر، وستكون فرصة لتواجد الفرد بين أسرته وأبنائه وأصدقائه في أنشطة مشتركة داخل المنزل وخارجه.