الوعي الطبقي يملي عليك التصرف بكيفية معينة ومحددة سلفًا في ذاكرتك الاجتماعية، بمعنى سلوكك وسلوك كل الذين يعيشون في مستواك الطبقي نفسه، لذلك كن واعيًا ولا تخضع لهذه الإملاءات، لأنها ستجردك من إنسانيتك وطاقتك، مثلًا أنا ملياردير.. وعيي، وذاكرتي، ولغتي، وتصرفاتي تعمل بشكل مختلف، وفق الطبقة الراهنة التي أعيشها.. ولو فقدت كل شيء وأصبحت فقيرًا فنفس الوعي ونفس الذاكرة تبدأ بالتصرف بشكل آخر، وتبتكر لغة جديدة متوافقة مع بيئة الفقراء. أنا كملياردير وعيي الطبقي يملي عليّ أن أتعامل مع (محمود) على أنه سائق وخادم، ولا يجوز أن أجلس معه، أو آكل معه وأظهر معه في مكان عام، لأنه مجرد سائق، ولكن ماذا لو أن هذا ال(محمود) ربح في اليانصيب مليار دولار.. بالطبع سوف أعيد تموضع المعاملة وأحيلها إلى طريقة جديدة، وأبدأ في الحديث معه عن التجارة وعن المال، وكيف يمكننا أن نستثمر معًا في المشروع الفلاني، وأفتخر أن هذا ال(محمود) كان سائقًا عندي. لكنك عندما تكون واعيًا بحقيقة هذه الإملاءات اللاواعية، سوف تتعامل مع كل الناس بنفس القدر من الإنسانية، وأسقط ذلك على طموحاتك الشخصية وطرق نظرتك إلى الحياة، فإن استسلمت لإملاءات الطبقة، فهذا يعني أن تزداد انحدارًا على أحد المستويات.. غني بلا ضمير، أو فقير يظن أنه يجب أن يعيش ويموت بهذا الفقر مثله مثل الملايين من طبقته الاجتماعية، وذلك حسب إملاء وعيك عليك، فالانصياع للطبقة التي تنتمي إليها يعتبر خطأ، الصواب أن تكون واعيًا بأن الطبقة قد تختفي باختفاء مزاياها، وبالتالي كن في مكان عملك شخصًا ينتمي لكل الطبقات في تعامله، حتى لا يشعر الآخر بالاغتراب في حضورك.