العقل هو المحرك الرئيس لطاقة الإنسان، وقد ميز الله الإنسان بعقله عن باقي المخلوقات وجعله الأداة الفاعلة لجميع أنشطته، عقل الإنسان عبارة عن طاقة بشرية هائلة، ويختزن العقل عداداً هائلاً من المعلومات والأفكار والخبرات، ويستمد الجسم جميع طاقته من العقل. فهو المغذي الرئيس للمشاعر والأفكار والسلوكيات وله الدور الفعال في الصحة العامة لجسم الإنسان. وقد قسم العلماء العقل إلى قسمين رئيسين، أطلقوا عليهما العقل الواعي والعقل اللاواعي. وقد ذكر علماء النفس أن العقل اللاواعي أهم وأشمل من العقل الواعي، وهو المخزن الثمين لما يحتاجه الإنسان في حياته من مشاعر وسلوك وأفكار، وهو المكون الرئيس لشخصية الإنسان لما يحتويه من الكم الهائل من المعلومات والتجارب والخبرات، وهو يستمد طاقته ومخزونه من الأفكار والأفعال وردود الأفعال والسلوكيات عند تكرارها في العقل الواعي. فكلما ظهر من أفكار ومشاعر إيجابية أو سلبية على العقل الواعي فإن ذلك يخزن في العقل اللاواعي. ويستفيد منها الإنسان عند الحاجة لها فكلما استطاع الإنسان أن يفكر بعقله الواعي بطريقة إيجابية وسعادة، وألا يدخل إلى تفكيره الواعي الأفكار والمشاعر السلبية، كلما كان العقل اللاواعي مفعماً بالنشاط والحيوية مما ينعكس على حالة الإنسان النفسية والجسمية، ويكون أكثر ثقة بنفسه وتصرفاته، ويجعله أكثر إبداعاً وتميزاً. حيث يقول د. روبرت أنتوني في كتابه «الثقة التامة بالنفس»: إن العقل اللاواعي إذا أدخلت علية الأفكار المتفائلة والإيجابية عن طريق تكرارها في العقل الواعي يصبح العقل اللاواعي كالضوء الكهربائي الذي يستطيع إعادة توليد كافة المشاعر، والأفكار، والأحاسيس، والمشاهد، والأصوات والمنبهات من العالم الخارجي. وعلى العكس من ذلك في كل مرة تبعث فيها بفكرة سلبية، تقوم تلقائياً بتقليل الطاقة المغناطيسية في جسدك وعقلك، تماماً كأنك تغلق مفتاح الضوء الكهربائي. كما ذكروا أن الاعتماد على العقل الواعي فقط بما يراه من معطيات وأحداث بارزة أمامه في اللحظة نفسها، يقيد من إبداع الإنسان ونشاطه، لمحدودية أدائه بعكس العقل اللاواعي الذي يكون أهم وأشمل وأصدق في اتخاذ القرارات. ولهذا فإن تعلم مهارات التفكير السليم مهمة للغاية لتحسين أداء العقل والجسم، وللخروج من الأزمات النفسية والسلوكية السلبية المتكررة. فالقراءة والاطلاع والتفكير في عمل العقل ومحاولة التطبيق السليم للتفكير والتخلص من السلبية من الأمور الضرورية لتحسين أداء عقولنا وإمدادنا بالثقة بالنفس وتحسين صحتنا العامة. كما ذكر كثير من العلماء أن العقل اللاواعي يصدق ما يملى عليه، فعند إطلاق العنان للتفكير وتخيل الأحداث المفرحة وإطلاق أفكار السعادة والتفاؤل كلما ترسخت في العقل اللاواعي، وبعد فترة من تكرارها تصبح جزءاً من حياة الإنسان وسلوكه. وأخيراً نختم بقول الله سبحانه وتعالى: «إِنَّ اللّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ».