بندر عبد الرحمن بن معمر العضو المنتدب لشركة الطائف تمر بنا الأيام سراعاً.. كأنه الأمس حين التقيته قبل أعوام عدة بعد أن سمعت الكثير عنه من صديقنا المشترك الشيخ هيف بن عبود. استدارت بي الأيام ومر شريط الذكريات سريعاً حين أتاني صوت الصديق المهندس مساعد الغامدي متهدجاً ناعياً الأخ الفقيد الشيخ عامر اللويحق بعد مغرب يوم الخميس 21 رمضان 1433ه. كان عامر -رحمه الله- صديقاً وفياً وأخا سخياً تعرفت عن طريقه وفي مجلسه على عدد من الفضلاء والنبلاء وأذكر منهم مع حفظ الألقاب عبدالله أبو ملحة وإبراهيم بن سعيدان وعبدالغني صباغ ومساعد بن راشد الغامدي وعبدالله دحلان وأسامة أبو غراره وغيرهم كثير، فكسبت معرفتهم وصحبة بعضهم، وهكذا الكبار ومجالستهم. ترافقنا في بعض الأسفار فكان نعم الرفيق يروي الروايات ويردد الأبيات، متذوقا اللغة، يصحح للمتحدث العبارات، أنيساً ممن يألف ويؤلف.. على جانب من الفطنة والذكاء، عميق النظرة بصيراً بأحوال الناس. كان غفر الله له يعمل للصالح العام، يبذل ماله وجاهه في سبيل المصلحة العامة. كان ذلك ديدنه في كل موقع عمل شارك فيه. خدم مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم عضواً بمجلس المنطقة وعضواً بمجلس الاستثمار وعضواً بمجلس الإدارة بشركة طيبة، وعمل في إمارة منطقة الباحة مديراً للشؤون السرية ومحافظاً للمخواة، وعمل مفتشاً بوزا رة الشؤون البلدية والقروية، إضافة إلى مساهماته وعضوياته في عدد من الشركات المساهمة مثل الشركة العقارية السعودية وشركة الطائف للاستثمار والسياحة والشركة العربية للتصنيع وشركة المتحد وغيرها. توجت خدماته باختياره عضواً في مجلس الشورى لدورتين، كان فيها عضواً نشطاً فاعلاً بشهادة عدد من زملائه في المجلس، فكان يحرص على حضور الجلسات ويشارك في المداولات ويطرح المقترحات ويقدم التوصيات في كل ما يهم المواطن وأشهد أنه لم يسع إلى مصلحة شخصية. وما أثنيت إلا بعد علم وكم من جاهل أثنى فعابا زاملته وعملت معه عن قرب حين أصبح رئيساً لمجلس إدارة شركة الطائف للاستثمار والسياحة، المدينة التي أحبها كما أحب وخدم كل شبر من أرجاء الوطن، فسعى لخدمتها من خلال مساهمته في شركة الطائف وبذل الكثير في سبيل ذلك. شكل مجلس إدارة متجانساً قاد الشركة إلى نجاحات متوالية. كان - رحمه الله وأعلى منزلته - كريماً جريئاً حازماً وفياً لأصدقائه يشهد بذلك ما قاله د. عبد الله دحلان في رثائه: (كان أحرص مني على الوفاء والتواصل وهكذا كان مع أصدقائه). سمعت الأستاذ صالح اليوسف المدير العام للجمعية الخيرية لرعاية الأيتام (إنسان) حين جاء معزياً ومعه مجموعة من أبناء الجمعية، سمعته يقول لأبناء الشيخ عامر: "كان والدكم أحد المؤسسين الداعمين للجمعية" وكان الكثير من الحضور لا يعرفون ذلك. فلم يسع -رحمه الله- إلى إظهار أعماله الخيرة ولم يتبع ما أنفق مناً ولا أذى، فكان يرغب فيما عند الله. وفي بداية توليه رئاسة شركة الطائف للاستثمار والسياحة أتت طلبات من بعض الجهات للدعم والتبرع ولم يكن وضع الشركة يساعد على ذلك فكان رحمه الله يتبرع من ماله الخاص. وحين أرسلت له الشركة بدل حضور جلسات مجلس الإدارة، اتصل بي وطلب أن يوزع المبلغ على الموظفين المجدين، ووضعت آلية لذلك وافق عليها -رحمه الله- وصادف أن صرفت أول مرة في شهر رمضان المبارك، وأصبحت تصرف كل عام في رمضان، ولم يكن ذلك مقصوداً وأحسبها نيته الطيبة إن شاء الله وأسأله تعالى أن يجعلها في موازين حسناته. وحين تمكن منه المرض ودخل المستشفى قبيل رمضان لم يشأ أن يزعج محبيه وأصدقاءه بزيارته كي لا يتأثروا، لأنه لم يعد قادراً على التبسم في وجوههم، كنت أتابع حالته عن طريق ابنه وسكرتيره. كان -غفر الله له- واسع الصلات كثير العلاقات مع الأمراء والعلماء والوزراء والمسؤولين ورجال الأعمال وكافة فئات المجتمع، ينزل الناس منازلهم ويعرف قدرهم، حتى الشباب كان يلاطفهم ويهتم بأمرهم ويشعرهم بذلك، فهذا ابني خالد أجهش بالبكاء حين علم بالخبر وهرع للرياض للمشاركة في الصلاة على الفقيد وتشييعه، وحين سألته لم هذا الحرص قال إن الشيخ عامر أحبنا فأحببناه، وإني على يقين بأن من أحبوه وجاؤوا ليودعوه يوم رحيله ومن غشوا داره معزين كانوا من كافة الطبقات والأطياف، ولكن الشباب منهم كانوا ظاهرة ملفتة، فهنيئاً لعامر هذا الحب، ولقد وصف د. سعيد المليص ذلك بقوله: إن عامر جمع أمة من المعزين، يعزي كل منهم الآخر في أخيه وحبيبه أبي سعود. وأضاف: لقد عاش عامر كريماً ودوداً متواضعاً وفاعلاً للخير بصمت لكن فراقه لم يكن صامتاً. ومما يعزينا نحن أحبة عامر أن شاهدنا أبناءه النجباء أيام العزاء سعود وعبد الرحمن وإبراهيم وثامر ورعد وأحمد وعبدالله وعبد المجيد وفيصل وتركي ومحمد يواسون أصدقاء والدهم صابرين محتسبين، وأحسب أن هؤلاء الأبناء البررة بإذن الله سيحيون ذكر والدهم ويصلون بره، وأتمنى عليهم تأسيس جمعية خيرية تحمل اسم عامر اللويحق براً به وتخليداً لذكراه ووفاءً لمبادراته رحمه الله. وعذراً أبا سعود إن لم نوفيك حقك في حياتك وأسأل الله تعالى أن تكون ممن قال فيهم: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب). أحسن الله عزاءنا جميعاً في عامر اللويحق وأدخله مدخلاً كريماً ورفع درجته في عليين وخلفه بخير.