ما يظنهُ الغالبية من المجتمعات العربية، أن من بين اكتساب المعرفة، إما من خلال التعليم وهذا هو الوجه الحقيقي، أو من خلال الممارسة والسلوك وهذا شيء مقبول، لفقدان وجود المصدر المعرفي للتعايش مع البيئة المحيطة بها، لهذا يتشكّل الكثير من المجتمعات ليس من خلال التعليم، بل من خلال البيئة المحيطة، وهي الأكثر تأثيراً والأعم من بين سمات المجتمعات العربية، مع العلم أن الجميع قد تخرّج في الجامعة أو المدرسة نفسها .. إلخ.. هناك فئة أخرى مختلفة تماماً، يستحيل الكشف عنها إلا من خلال علماء اجتماع أو مفكرين، بل ولا يكتشفها الإنسان من ذاته، ظناً منه أن ما يقوم بهِ هو على الوجه الحقيقي أن المعرفة قد تكتسب من التجربة. لكن ما نعنيه هنا تلك النسبة العالية جداً، للذين لا يتعلّمون إلا من خلال الصدمات المؤلمة، والظروف القاسية دون الرجوع لتجارب الآخرين، أو التبصّر في مختلف العلوم، وهؤلاء الأكثر صناعة للمشاكل، سواء بالعمل أو في المحيط الأسري، ذلك بسبب ما يعانيه من نقص في مستوى الوعي والإدراك، لدرجة فقدان جميع المصادر العلمية أو التجارب القيّمة، حتى يقع في تجارب مؤلمة يجر الكثير للويلات والشتات، وهذا يلزم جميع من يتعاملون معه بشكل مباشر، لكي يتعلّم الوصول لأدنى درجة من العيش مع الآخرين بسلام.