كثير من الأشخاص يأتون إلى العيادة يشتكون من إغماءات متكررة من غير أي أسباب، حيث إنهم يكونون في حالاتهم الطبيعية، ثم فجأة يشعرون بضيق بالتنفس وألم في الصدر ثم السقوط على الأرض، ليدخلوا في نوبة إغماء سريعة، يستفيقون بعدها من غير أي تدخلات أو إسعافات طبية، وعند فحصهم نجدهم خاليين من أي أمراض، وأنهم في أحسن حالاتهم. وهنا تكمن المشكلة،حيث إن أكثر الأطباء يشخص هذه الحالة على أنها ضغط نفسي، أو حالة عصبية، متجاهلين أو متغافلين حالة مرضية، تسمى «التهاب العصب العاشر أو العصب الحائر»، فما هو العصب العاشر «العصب الحائر»؟. العصب العاشر يعتبر أطول عصب بجسم الإنسان، وهو أحد أعصاب المجموعة القحفية، والتي يبلغ عددها 12 عصبا، يخرج من الجمجمة مباشرة، وليس من خلال العمود الفقري كالأعصاب الأخرى، ويمتد على طول الطريق، يبدأ من جذع الدماغ مارا بكل من الأذن والحلق والحنجرة والمريء والرئتين والقلب، وأجزاء من الجهاز الهضمي كالمعدة، وينتهي في القولون. سمي ب«العصب الحائر»، لأنه يوزع في جميع أنحاء الجسم الأساسية، ويتوغل داخل الأعضاء من أوعية دموية وشرايين، وداخل الجهاز الهضمي من المعدة والأمعاء الغليظة والجهاز التنفسي، من القصبة الهوائية والحويصلات، ويرسل السيالات الحسية والحركية من الدماغ وإلى هذه الأعضاء والعكس. حيث إنه المسؤول بشكل أساسي عن النطق، وعن حاسة التذوق والشم والسمع، وعن عمليه الهضم والبلع، وعن حركة عضلات القلب والتحكم بضغط الدم، وعن عمليه التنفس من شهيق وزفير، وعن حركه القولون ثم الإخراج. وسبب مرض العصب الحائر يمكن إرجاعه لزيادة إثارة هذا العصب بأي شكل مثل، مرض السكري أو التهاب الجهاز التنفسي العلوي، أو إصابة العصب أثناء العمليات الجراحية وغيرها، مما يؤدي إلى اضطراب في الأعضاء المرتبطة به، من زيادة خفقان القلب وهبوط مفاجئ للضغط، ويسبب أيضا ضيقا في التنفس ودوارا وفقدانا للسمع وصعوبة النطق والبلع. واختبار المنضدة المائلة، الفحص الوحيد الذي من خلاله يحدد الطبيب إذا كان إغماء الشخص سببه العصب الحائر أو مشكلة أخرى. يعالج العصب الحائر بعدة طرق وهي: سلوكي، ينصح المريض الذي تظهر عليه الأعراض، أن يستلقي على ظهره، و يرفع رجليه لأعلى من مستوى قلبه لتسريع الدورة الدموية، لمدة عشر دقائق إلى ربع ساعة، والإكثار من شرب السوائل المالحة، مع العلم أن الأعراض لا تختفي نهائيا، وإنما تقل حدتها، وينصح أيضا عندما يريد المريض الوقوف ألا يقوم فجأة، وإنما بالتدريج، يجلس قليلا ثم يقف. القيام بتمرين التنفس، وذلك عن طريق الشهيق من الأنف والزفير من الفم عشرين مرة، بعد هذا التمرين، يمكن الشعور بالتعب والإرهاق بسبب عدم الاعتياد على التمرين. دوائي، يعتمد تحديد العلاج على الأعراض وعلى أسباب حدوثها. جراحي، يزرع جهاز لتحفيز العصب الحائر تحت الجلد عند منطقة الصدر، ويتم إيصاله عن طريق سلك بالعصب العاشر، وعند تفعيل الجهاز يتم إيصال إشارات كهربائية على طول العصب العاشر ليصل إلى جذع الدماغ، ليقوم بدوره بإيصال إشارات إلى مناطق معينة من الدماغ. العصب الحائر مرض مزمن، يستمر فترة طويلة، وتزداد أعراضه مع زيادة الضغوط، وليس له علاج جذري، وإن تجاهل الشخص هذه الأعراض، ممكن يدخل في مضاعفات كثيرة منها -لا سمح الله- فقدان السمع والنطق، وعدم القدرة على البلع، أو فشل في عضلة القلب و توقف التنفس وغيرها.