كما هي السعودية دائمًا تأخذ زمام المبادرة في كل ما من شأنه خدمة العالم في كل تحولاته ومستقبله، يعلن الأمير محمد بن سلمان مجددًا عن استراتيجية الوصول للرقم صفر في الانبعاثات الكربونية وذلك بحلول عام 2060 من خلال مبادرة السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر وتقوم هذه الاستراتيجية على استغلال الموارد الطبيعية المتاحة وتوظيفها في استدامة البيئة الصحية الخالية من الشوائب والانبعاثات الكربونية وعندما نتحدث عن مثل هذا الهاجس الذي يتحول لمبادرة ثم يصبح استراتيجية تحشد لها الطاقات البشرية والإمكانات المادية وتسجل فيها الشراكة الدولية لتأخذ السعودية في هذا الشأن زمام المبادرة ضمن سجلها الحافل بالمبادرات الوطنية والإقليمية والعالمية، وتضع لها قدمًا في الصدارة لقيادة العالم نحو مستقبل مزدهر وحافل بكل ما فيه مصلحة الإنسانية والرقي بالأرض والإنسان. نحن هنا بإعلان صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان نقف على ناصية المستقبل الجديد للشرق الأوسط والسعودية التي لم تعد تعتني بالإنسان فحسب، وإنما تمتد جهودها لترعى كوكب الأرض وتسهم بمسؤولية في جودة الحياة على أديم هذا الكوكب. وإذا كانت الدراسات الحديثة تتحدث عن أن السياحة في العالم مسؤولة عما نسبته 8% من الانبعاثات الغازية بسبب الطيران ورحلات كروز العملاقة، ومع تضاعف السواح في عام 2030 يتضاعف الأثر السلبي على البيئة والتغير المناخي، وفيما السعودية تفتح ذراعيها للعالم وتعلن تحولها للسياحة لتكون بديل النفط وفق رؤية سمو ولي العهد، إلا أنها وبذات المسؤولية لا تغفل مسؤوليتها تجاه البيئة والمناخ وتأخذ على عاتقها وضع الخطط والبرامج الرائدة لدفع الآثار الناتجة عن هذه التحولات. وقد كان للسعودية قصب السبق في إنشاء مركز عالمي للاستدامة السياحية يُعنى بالتدريب والتطوير والأبحاث وإصدار التشريعات لخدمة السياحة العالمية، وسيعمل على دراسة تجارب الآخرين والإفادة منها، ويهتم بالبيئة وحماية الشعب المرجانية ويقدم دراسات ومعايير للحفاظ على البيئة ويستفيد منها العالم. والسعودية تحضر في مشاريعها السياحية العملاقة لتخدم البيئة بدءًا بالسفر والبناء وقطاع الإيواء وجميعها صديقة للبيئة والمناخ. والدراسات تشير إلى أن 40% من السواح يتجهون للسياحة بحثًا عن الثقافة و30% يذهبون للشواطئ والبيئات المتعددة، ولذلك فإن التنوع الثقافي في السعودية سواء في الموروث أو الأكل أو التناغم الموسيقي في الفنون والعادات والتقاليد، إلى جانب التنوع الجغرافي بين الجبال والصحاري والشواطئ والمدن الحديثة يعد بحق ثراء سياحيًا يفوق الكثير من بلدان العالم، وهنا يلزم الترويج لها وتقديمها للعالم من خلال الإعلام السياحي المدرك لخصائص السواح ورغباتهم وتنظيم حملات توعوية عن المقومات الطبيعية وجمال الوجهات السياحية لمعرفة جمال السعودية مع الاهتمام بنشر ثقافة المحافظة على البيئة والغطاء النباتي وإبراز جهود السعودية في استدامة السياحة مع مكافحتها للأثر السلبي على المحيط البيئي بكل أنواعه. وفي منتدى مبادرة السعودية الخضراء تم وضع خارطة طريق تساهم في حوكمة العمل في الطاقة الخضراء وخلق الوظائف واستدامة قطاع السياحة. ولم شمل جميع الجهات المعنية بالسياحة لدفع القطاع نحو مكافحة التغير المناخي. السعودية اليوم لا تقود في قطاع الطاقة فحسب، بل في السياحة وهي أكبر مستثمر بهذا القطاع وتسعى لجمع العالم وإطلاق بروتوكول سفر عالمي موحد.