قبل الدخول بالتفاصيل وبيان اختلاف الآراء حول المؤتمر لا بد من التساؤل هل هو مؤتمر إقليمي أم مؤتمر دولي؟، فإذا كان مؤتمرا إقليميا لدول فاعلة في المنطقة، ما الغاية من انعقاده في بغداد، وكما هو معروف العراق ليس دولة إقليمية فاعلة وأيضاً غير محورية مؤثرة في المنطقة، ليكون قادرا على قيادة تحالف كما هو حال حلف بغداد أيام نوري السعيد الذي كان محور السياسية الإقليمية للمنطقة. بمعنى هل يعقل أن يكون الكاظمي بمكانة نوري السعيد لكي يلاقي دعما أمريكيا كما كانت تفعل بريطانيا في دعمها لحلف بغداد، باعتبار أن هذا المؤتمر المزمع عقده في بغداد يوم 28/آب فكرة بريطانية بدعم أمريكي لتستعيد بريطانيا مكانتها في مسك خيوط اللعبة في آسيا والشرق الأوسط، بعد فشل السياسات الأمريكية المتكررة في المنطقة، بالرغم مما قيل فإن ماكرون هو من اقترح هذا المؤتمر خلال زيارته للعراق!. لذلك نعتقد أنه يمكن أن يحصل مؤتمر كهذا من ناحية المكان نظراً لوضع العراق الجغرافي، ولكن لا يمكن أن يحصل من ناحية التأثير السياسي، لأنه لا يعقل أن يكون الكاظمي هو القائد والمحور لهذا التحرك وهو غير القادر على اعتقال مجموعة من الفوضويين الذين يحومون حول مكتبه بعجلات الدفع الرباعي وهم مدججون بالسلاح، والجميع يعلم أن الميليشيات هي من تحكم العراق. لذلك لا بد من العودة إلى التساؤل نفسه، هل فعلاً هذا المؤتمر إقليمي أم دولي؟ وإذا كان إقليميا كما يطلق عليه ما الغاية من دعوة أغلب دول العالم وعلى رأسها الولاياتالمتحدة وفرنسا ودول أوروبية وآسيوية وعربية، ألا يعني ذلك أنه مؤتمر دولي وليس إقليميا؟ فإذا كان كذلك، ماذا يريد العراق من دول العالم؟ وماذا يريد العالم من العراق عند تلبية تلك الدعوة لحضور هذا التجمع الكبير؟، بينما كثيرون يتساءلون هل هو مؤتمر اقتصادي أم مؤتمر سياسي أم تصالحي لحل مشكلات إقليمية ودولية عالقة؟، أم سينمائي لعرض أفلام عن العناق وبوس اللحى والمصافحات؟، ومن ثم كل واحد يخلد للراحة في بيته كأنك يبو زيد ما غزيت وراحت فليساتك يا شعب العراق على المشاوي والطبخ، لأن اللصوص سيحسبون الوجبة لكل فرد بمليون. في الحقيقة هناك قوتان تريدان فرض إرادتهما على العراق، الأولى الولاياتالمتحدة لمحاولة عزل العراق عن إيران والنهوض به كدولة فاعلة في المنطقة حسب ما تدعي أمريكا وتجاهر في كل مناسبة بدعم حكومة الكاظمي.. لذلك هناك من يعتقد أن أمريكا تريد من خلال هذا المؤتمر إيصال رسالة إلى إيران لغرض تخليها عن مواقفها وميليشياتها وأذرعها في العراق وسورية، وإلا سوف تلاقي ردا عسكريا مدمرا باستخدام العشرات من قنابل guv التي تخترق الأرض بعمق 100 متر، وذات قوة تدميرية هائلة وتحدث اهتزازا بالأرض بقوة 7 درجات على مقياس رختر، وصنعت خصيصا للحروب التدميرية، ولأول مرة تدخل الخدمة، وأن أصحاب هذا الرأي مستندون على الزيارات المكوكية والمشاورات المتكررة بين قادة تل أبيب وواشنطن. ولكن نقول ببساطة إذا كان غاية المؤتمر رسالة تحذيرية فإنه لا يحتاج إلى هذه الهلمة، وهذا الحضور الكبير، أي بالإمكان إيصالها إلى ملالي طهران من قبل طرف ثالث وينتهي الأمر.. أما القوة الثانية فهي إيران التي استخدمت العراق طيلة السنين الماضية ساعي بريد لتحريك سياساتها الخارجية، هناك من يقول إنها أمرت مراسليها في بغداد لتشجيع انعقاد هذا المؤتمر وبمباركة أمريكية لاستثماره (أي المؤتمر) في إنهاء مشاكل إيران مع دول المنطقة، وأيضاً لإيجاد مخرج لاعتراف دولي بإبراهيم رئيساً لإيران لغرض التعامل معه مستقبلاً وخصوصاً فيما يتعلق بالملف النووي، لأن أغلب دول العالم لم تبد اعترافها به رئيسا لجمهورية إيران وحتى لم تبعث له رسائل تهنئة لتولية منصبه بل تم اتهامه بانتهاكات حقوق الإنسان وبأنه خاضع للعقوبات الدولية، لذلك تريد إيران من هذا التجمع عبر بوابة العراق تنقية الأجواء وإجراء لقاءات ومصافحة وقبل حارة ومظاهر بروتوكولية بين رئيسي الذي وصف المؤتمر خلال توجيه الدعوة له بأنه خطوة مباركة، وبين قادة دول الخليج وإردوغان وماكرون وممثلين عن أمريكا والاتحاد الأوروبي.. مما يعني لو صدق هذا الكلام.. ماذا تعني الاتهامات الفارغة التي صدعت أمريكا والغرب بها رؤوس العالم، وهي تجلس مع شخص ثم تتهمه قبل أيام بأبشع وسائل القتل والتعذيب عندما كان عضوا في محكمة سوق المعارضين ، أليس من المخازي قبول الدول المشاركة في هذا المؤتمر لأجل الانحناء أمام إمبراطور إيران الجديد وتقديم التهاني على انتخابه، وطالما تم التشكيك في تلك الانتخابات؟. لهذا كثير من الدول طالبت العراق بتقديم توضيح عن الأهداف والغاية الحقيقية من وراء هذا المؤتمر المبهم، ومنها دول الخليج، التي يبدو أنها فوضت الكويت التي زارها الكاظمي مؤخراً لإيضاح مغزى هذا المؤتمر ومغزى حضور رئيسي، فهل هو مؤتمر تصالحي؟ وهل العراق بوضعه الحالي قادر على جمع الأضداد في المنطقة؟، ويفترض أن يسبقه اجتماع تمهيدي لوزراء الخارجية أو الاقتصاد أو مسؤولين لأجهزة المخابرات، لأن المشكلات بين الدول المشاركة ليست سطحية كما هو الحال بين تركيا ومصر أو ليبيا أو الغرب مع إيران. وماذا عن سورية، في هذا المؤتمر؟ هل ستمثلها إيران مثلاً؟، وأيضاً ما هي الخطوات اللاحقة بعد هذا المؤتمر؟، بمعنى ليس من السهولة بمكان حل مشكلات بمثابة معضلات دخلت التاريخ خلال يومين في جلسات استعراضية، بينما أكد البعض على الاعتقاد بأن هناك دفعا أمريكيا بتخطيط بريطاني لتنقية الأجواء بين إيران ودول الخليج لأجل إنهاء التوترات في المنطقة حسب مخططاتهم الخبيثة التي يريدونها كما يشاؤون أبيض أم أسود.. بينما شكك البعض الآخر في انعقاد المؤتمر وأهدافه، لكن الأيام القادمة ستكشف ما هو مبيت تحت الطاولة، واليوم الخبر بفلوس غداً ببلاش.