اضطلعت الرئاسة لرعاية الشباب منذ تأسيسها بالدور البناء بما أسند إليها من مهام شملت الشؤون الثقافية والرياضية, ورادتها بنجاح حسبما تقتضيه تنمية المجتمع التدريجية وبشكل حضاري راعى مقاومة كل جديد قد لا يتقبله المجتمع, ووازن بين ما يمكن تقديمه وبين عادات وقيم المجتمع. ولا ينكر هذه الريادة وخطواتها في هذه المجالات إلا جاهل أو ذو سبب خاص. لكن ظروف التنمية, والقفزة الحضارية النوعية التي نشهدها في ظل الاجتياح الإعلامي والمعلوماتي والاقتصادي والاجتماعي... وشعورنا بأهلية يجب أن نمتاز بها بحكم ما نملكه من زخم حضاري لم يزل محتاجاً إلى اختصاص أدق لتفعيله... كل هذا يدفعنا إلى البحث عن الأكمل, وهو هدف تضمنه روح مفاهيم التنمية وإرادة الاتجاه إلى الأمام, مما يمنحنا إمكانية طرح التطلعات في هذه المجالات. فمسمى: (الرئاسة العامة لرعاية الشباب) لم يزل ذو دلالة على بدايات التنمية, بينما حققت هذه التنمية قفزات إلى الأمام في المجالات الثقافية والرياضية... فالمسمى صريح في رعايته الشباب, والثقافة لا تخص الشباب بقدر ما تمثل أمة اعتبارية بكل ثقافاتها أدباً وفكراً ومسرحاً وتشكيلاً وآثاراً... لذا فإن إنشاء (وزارة للثقافة والتراث) مطلب حضاري له مشروعية واضحة, ونحن في هذا البلد نعتقد أهليتنا لهذه الوزارة, ونعتقد أننا نستطيع تقديم ثقافتنا التي نعتقد خصوصيتها وقدرتها على الوصول والتأثر إضافة إلى التأثير بغيرها. فلا موقع الآثار والمتاحف الطبيعية هو من تخصص وزارة المعارف مهما حاولت تفعيله, إذ سيظل الدور هنا هامشياً بجانب مهمتها الأساسية, ومن أراد الاطلاع على نماذج من إدارتها مع ضعف التفعيل فليتجه إلى مدينة تعبق تاريخاً مثل مدينة الأخدود بنجران, أما مدينة جرش بعسير, وغيرهما كثير... ولا موقع الثقافة بشكل عام هو الرئاسة التي تتداخل فيها حدود الفعل بين مسميين ثقافيين هما: جمعية الثقافة والفنون, والأندية الأدبية, في ما يميل الفعل فيها لصالح الشباب والرياضة.. وهذا الطرح ليس ذو علاقة بنواقص الأداء الموضعي, بقدر ما هو مطلب عام للانتقال حسب مقتضيات التحولات في عالم نحن فيه أحوج ما نكون إلى السير في ركب العالم المتسارع المتصارع بإمكاناته واختصاصاته.. وذلك الصرح (الرئاسة) أدى مجاله على أكمل وجه, غير أن الطرح الساعي إلى الأكمل اعتراف بأن خطنا الحضاري هو في طريقه الصحيح, وأن التغير والتغيير الإيجابيين دلالة صحية نؤمن بأهليتنا لها.