أظهرت دراسة حديثة ريادة المملكة العربية السعودية في تطبيق مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأكدت ارتباط ذلك بأصالة قيمة العطاء ورسوخها في الثقافة الإسلامية، وهو ما يجعلها أمرًا غير مستحدث على المؤسسات العربية عمومًا، خاصة خلال مواسم العطاء في «رمضان والحج». للعام الثاني على التوالي تستمر القيود والإجراءات الاحترازية بسبب جائحة «كورونا»، خاصةً خلال موسمي رمضان والحج، وهما من أكثر المناسبات المقدسة التي تجمع قلوب 1.8 مليار مسلم حول العالم، غير أن الناس باتوا اليوم أكثر تفهمًا وتأقلمًا مع شكل التجمعات الآمنة الحديثة، وأكثر استيعابًا للنهج الجديد المتبع بتحديد عدد الحجاج في المشاعر المقدسة في موسم حج 1442. بعدما كانت الأعداد تتجاوز 2.5 مليون حاج سنويا، شهد الموسمان الأخيران تناقصا في أعدادهم، وقصرهما على المواطنين والمقيمين في المملكة العربية السعودية، في ظل إجراءات احترازية، لضمان إقامة الشعيرة في ظروف صحية آمنة لضيوف الرحمن والمشاركين في خدمتهم من مختلف الجهات. هنا يبرز دور تفعيل الشركات حملات العطاء في هذا الموسم، وإشاعة نشاطات المسؤولية الاجتماعية، والاتصالات الهادفة، التي تتجلّى في الصدقة والهبة اللتين تنعكس آثارهما الإيجابية وخيرهما وأجرهما على المتصدّق والمتصدق عليه، وهو شعور يجب أن تركز عليه الشركات في مبادراتها للمسؤولية الاجتماعية، وتعزيز ولاء العملاء للعلامة التجارية. ستزيد المبادرات الإيجابية للمسؤولية الاجتماعية من التلاحم والتراحم المجتمعي، وتمكين الشركات من التواصل مع العملاء بشكل مدروس. كما أن موسمي رمضان والحج من أفضل المواسم للتواصل العالميّ مع غير المسلمين؛ لأنهما توقيتان مثاليان لمساعدتهم على فهم شعيرة الحج، وما يتبعها من عيد الأضحى المبارك، ومعانيها، للترويج الإيجابي للقيم الإسلامية. أثّرت الجائحة في كل نواحي حياتنا، وعلى توجهات الشركات في المديين القصير والطويل، وكان من آثارها تسريع وتيرة العمل على برامج المسؤولية الاجتماعية وتطويرها، لذا علينا استثمار «كوفيد-19» إيجابيًا بإعادة التفكير في كيفية تكييف المنظمات والمؤسسات اتصالاتها، وتفاعلها مع المجتمع وأصحاب المصلحة. تعد المسؤولية الاجتماعية بالنسبة للشركات ذراعًا قوية للتغلب على الآثار السلبية، من خلال المبادرات التي تثبت ريادتها، وتسهم في تأسيس علاقات متينة مع جماهيرها المستهدفة. باتت الجائحة بمنزلة جرس إنذار للشركات، لتعيد صياغة أهدافها وخططها، للوصول للأهداف، حتى تزدهر أعمالها بارتباطها بمجتمعها الإقليمي والعالمي. لذا، فإن أي مبادرة للمسؤولية الاجتماعية ستكون خطوة لترسيخ هذا الترابط المجتمعي، وعنصرًا رئيسًا ضمن خطط التواصل وإستراتيجياته المستقبلية التي تتبناها الشركات، لإثبات وجودها وتفاعلها الاجتماعي، وبناء الثقة في علامتها التجارية.