هل تصورت للحظة وجود أعداد هائلة من البشر في غرفة جلوسك محدودة العدد؟ نعم هذا ما يحدث الآن في مواقع التواصل الاجتماعي، أناس بمختلف الجنسيات والأعراق والحالات النفسية الجيد منها والسيئ في قعر دارك، بوسعهم التأثير على أفكارك وطريقة تعاملك مع الآخرين وحتى علاقتك مع نفسك. وجود أفكار مختلفة وكم هائل من المعلومات كفيل بجعلك تحت تهديد الوساوس والأفكار المريبة والمقارنات ودوامة الحاضر والمستقبل، وهذا منطقي جداً عند وجود نماذج أقرب إلى أن تكون مثالية، على الأقل أمام عدسات الكاميرا. فمن المعروف أن الإنسان يميل إلى إظهار الجانب الجيد من حياته أمام الآخرين وهذا تماماً ما يحدث في مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن النقطة تكمن عند وصول هذه النماذج أمام ناظريَ أشخاص ليسوا بالنضج الكافي لفهم واستيعاب هذه الفلسفة، فغالب أعضاء المجتمع المحلي يميل إلى الاندهاش والانبهار، وحتى من الممكن أن تعلوا أصواتهم من فرط الانفعال، متسائلين ولائمين حظوظهم وأهاليهم وأنفسهم، لماذا لا أحظى بحياة تماثل حياة المشهور فلان؟ من المستحيل أن تحظى بحياة المشهور فلان يا عزيزي والسب يعود إلى أن المشاهير أنفسهم لا يحظون بالحياة ذاتها التي يظهرونها أمام الملايين من الناس، لذلك مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي هم بمثابة سلاح ذي حدين، إن احسنت اختيار من يقوم بالتأثير على أفكارك وأسلوب حياتك فذلك بلا شك سوف يصنع منك نسخة أفضل، والعكس صحيح . فمن مقدرة إنسان خلف أضواء شاشة الهاتف أن يودي بحياتك إلى التهلكة وتدمير أُسس قد زرعتها في نفسك منذ نعومة أظافرك، لذلك اختر من يقوم بتكرير أفكاره ومعتقداته في كل يوم أمام عدسات الكاميرا سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. أتمنى وجود هيئة رقابة لمشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، حيث إن وجود هذه الهيئة سوف يساعد على بناء مجتمع صحي يحقق غايات وأهداف سامية، كما أن ذلك سوف يعود بالنفع لأعضاء المجتمع ككل. إن تأثير مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي يكاد يعلو على تأثير المعلمين والعلماء، وذلك لأسباب عدة منها أن معظم أعضاء المجتمع يقضون أوقات طويلة أمام شاشات الهواتف الذكية، منصتين بإمعان للمؤثرين ومطبقين بدقة أفكارهم وتصرفاتهم، لذلك الاستفادة منهم لأغراض توعوية إرشادية تخدم المجتمع كافةً هو اقتراح يستحق أن يأخذ حيزا من تفكيرك. هل تتصور أن الحالة النفسية لشخصيتك المفضلة في مواقع التواصل الاجتماعي قد تؤثر بك أيضاً؟ بالرغم من أن مواقع التواصل الاجتماعي هي مواقع افتراضية إلا أن تأثيرها يكاد أن يصل إلى أعمق نقطة في ذاتك، حالة المشهور النفسية سواء أكانت صحية أو غير صحية من الممكن أن تؤثر في المعجبين من غير إدراك منهم، وذلك قد ينعكس على تعاملك مع أطفالك أو والديك أو حتى زملائك في العمل. عند متابعتك بدقة لهذه الشخصية المشهورة فأنت تهتم بما يسير في حياته وقد تتأثر سلباً أو إيجاباً بها، لذلك كن حذراً مما قد تواجهه في الأيام المقبلة، فمن الممكن أن تضيق بك الدنيا بما رحبت عند انسحاب شخصيتك المفضلة من مواقع التواصل الاجتماعي من غير سابق إنذار أو حتى اعتذار، قد يرجع السبب إلى قلة وعي المشهور أو عدم مبالاته بمعجبيه، لذلك يستحسن أن تحسن الاختيار. إنه لمن المذهل وجود مشاهير في مواقع التواصل الاجتماعي يحثون على كسب بعض من الصفات النبيلة أو الخصال الحميدة. من الممكن أنك في يوم من الأيام صادفت مشهورا يعرض في صفحاته اليومية عادات حسنة، هذه الفئة من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي قادرة على إحداث تغيير هائل في المجتمع ونقلة نوعية في سلوكيات وعادات بعض أعضاء المجتمع، الكبار منهم والصغار.