كانت معظم الدراسات النقدية التي صدرت في النصف الثاني من السبعينيات ومطلع الثمانينيات تتسم بالمجاملة الشديدة، والتوفيقية المبتذلة، والاستحسان الرخيص، والتقييم المرتزق، القصد منه نيل الرضا، الذي لا مبرر له ولا داع، وطلب الأمان، والخشية على لقمة العيش التي لم يسبق لأحد أن هددها أو فكر في استعمالها سلاحا يستدرج به النقد اللاملتزم!. فكما سطا كبار المديرين وكبار المستشارين على رجال الأعمال في الحقل التجاري، يزينون لهم ما استوحش، ويؤملونهم بالعجائب والغرائب، ويجعلون لهم من البحر طحينا، تقربا وتزلفا وتملقا وأمان جانب، كان كذلك حال معظم النقد العربي في موقفه الداخلي من النتاج العربي السعودي الشعري والنثري. ولعل نظرة واحدة على مجموعة الإصدارات المختلفة في هذا المجال تجعل الدارس والقارئ فاقدا الثقة في معظم ما يقرأ، وفي معظم ما يسمع، والدلالة على ذلك أن هذه الأصوات النقدية ظلت محدودة ضمن إطار الإصدارات المحلية السعودية دون أن تتعدى أسوار السعودية، وظل النتاج العربي السعودي الشعري والنثري نتاجا غير معروف، وغير مقروء في العالم العربي، لأنه لم يجد الحركة النقدية العربية الواعية المخلصة التي تستطيع أن تقدمه للقارئ العربي على حقيقته دون أن يكون قادما على أطباق الذهب والفضة، التي اعتاد بعض النقاد العرب أن يقدموه عليها، والتي أصابت القارئ العربي بحساسية شديدة من الصعب أن يتخلص منها خلال مدة قصيرة جدا!. لقد كانت الإساءة الكبرى التي قام بها بعض النقاد العرب للنتاج العربي السعودي أنهم أوهموا هذا النتاج بأنهم القادرون على تقديمه للقارئ العربي، وبذلك استطاعوا أن يعطلوا فعل ذاتية الانتشار والحضور العربي لهذا النتاج عن طريق تنصيب أنفسهم ولاة أمر هذا النتاج ومتعهدي انتشاره وتقييمه. في الحادي والعشرين من أبريل 1984، قرر الأدب العربي السعودي الاستغناء عن الوسطاء والدلالين، أصحاب مكاتب الكوميسيون، وتجار التقويم والتقييم، وأصحاب مكاتب الإشهار الفني والأدبي، والتقدم للقارئ العربي رأسا دون كل هذه الزفات، ودون أي نوع من الوسطاء، ورأسا من الفرن إلى المستهلك!!، فكان «مهرجان الأمة الشعري الأول للشباب في بغداد»، وكانت كوكبة من الشعراء العرب السعوديين تقدم نفسها للقارئ العربي، ممثلة في 3 شعراء شباب: محمد الثبيتي وعبدالله الصيخان ومحمد جبر الحربي. 1986* * ناقد أردني «1940 - 2014»