من الدروس المستفادة من النوازل الصحية قديمة العهد، كالجدري والطاعون والحصبة وشلل الأطفال، وغيرها من الأمراض التي حصدت ما الله به عليم من أرواح البشر، وعوَّقت الكثير منهم، أن التهويل والتخويف الذي كان يمارسه الكثير ممن هم على علاقة بهذه الأمراض، لا يسنده أي دليل أو حجة، وإنما يعود فقط لأمر رئيس مهم، يتلخص في عدم إلمام أولئك المرجفين في حينه بكيفية مواجهة مثل تلك الأوبئة، إلى أن تطور العلم لاحقا، وأوجد لقاحات لها وأدوية فعالة تعالجها علاجا يمكنه إنهاء معاناة المصابين بها، والحفاظ على حياتهم في كثير من الأحيان. في واقعنا المعاصر نشهد انتشار وباء أهلك الحرث والنسل، في شتى أصقاع العالم، وهو ما أطلق عليه علميا اسم (كوفيد - 19)، وهو اسم إنجليزي مكون من عدة تركيبات لغوية مشتقة كالتالي، (C.O) هما أول حرفين من كلمة كورونا (CORONA)، أما حرفا ال (V.I) فهما اشتقاق لأول حرفين من كلمة فيروس (Virus)، وحرف ال(D) هو أول حرف من كلمة مرض بالإنجليزية (diseas)، وجميع هذه الاختصارات تم إيرادها في تقرير نشرته منظمة اليونيسف التابعة للأمم المتحدة. لقد عمَّ هذا الوباء الفتَّاك العالم بأسره، وحصد الكثير من أرواح البشر، وتسبب لمن نجوا من تأثيره المميت في معاناة قاسية طوال فترة تعرضهم له، الأمر الذي دفع جميع الدول المتقدمة منها وغير المتقدمة، إلى رفع وتيرة البحث عن علاج فعال يمكنه القضاء على هذا المرض، أوعلى الأقل تحسين سبل التعامل معه. ومملكتنا الغالية ليست بدعا عن ذلك الاهتمام والتوجه العالمي، إلا أن أشد أمرا كان ومازال يعرقل التعاطي مع هذا المرض إيجابيا هو انتشار الشائعات حول هذا التعاطي وحجم تأثيراته السلبية التي يدندن عليها هؤلاء المرجفون؛ شائعات شمل انتشارها معظم أرجاء العالم وليس بلادنا فقط. إلا أن من المبشرات بقرب الفرج من هذا الداء، هو تمكن عدة دول من إيجاد لقاحات ثبت بالدليل القاطع مدى نفعها، وأهمية تناولها، ومن بين هذه اللقاحات لقاح «فايزر الأمريكي السويسري المشترك»، ولقاح آخر أنتجته أبحاث مستفيضة بجامعة أكسفورد الغنية عن التعريف؛ أطلقت عليه الجامعة اسم لقاح «استرازينيكا». وإن من أفضال قادة هذه البلاد علينا كشعب -التي يجب ألا تُنكر- أنهم كانوا من القادة الأوائل الذين عملوا بجهد مالي ومعنوي كبير في سبيل توفير هذه اللقاحات لشعبهم، إيمانا منهم بمدى أهمية أخذها، ومدى أهمية التمتع بفوائدها التي أصبحت مؤكدة الآن. مما يثلج الصدر ويرفع الرأس؛ رؤيتنا الاهتمام البالغ الذي توليه القيادة السياسية والصحية على حدٍ سواء، بمشاركة أجهزة أمنية أخرى داعمة لتوجهات حكومتنا الرشيدة بمختلف أذرعها، حيال مواجهة هذا الوباء. ومما يرفع الرأس أيضا رؤيتنا للتجسيد الذي تمت به ترجمة هذا الاهتمام إلى واقع يشهد بمدى تقدم السعودية في هذا المجال عند مقارنة حالها بحال دول أخرى متقدمة، كنا نظن أنها القدوة التي ينبغي علينا السماع لها والاقتداء بها، إلا أن ما نراه في واقعها الحالي من رفض الكثير من أفراد تلك الدول أخذ اللقاحات، بل رفضهم حتى تطبيق الإجراءات الاحترازية المنصوص عليها دوليا، يدل على حجم تطور الوعي الذي أصبحنا نحظى به في بلادنا، ولله الحمد. ومن البراهين التي تؤكد مدى حرص حكومة هذا البلد على أمن وسلامة شعبها، أنها بادرت إلى جلب اللقاحات المطلوبة في وقت قياسي، ومن ثم قادت حملة إعلامية ضخمة تروج لهذه اللقاحات، وتشجع مواطنيها على تناولها، وحتى يلقى هذا المسعى صدى إيجابيا يُعزز مفهوم آمان هذه اللقاحات، ويُزيل عنها الشبهات والمزاعم السلبية كافة، التي تُثار حولها، قام العديد من قيادات هذا البلد بأخذ هذه اللقاحات لتطمين شعبهم، ولتكذيب الإرهاصات الخاطئة كافة، التي صاحبت تلك الدعاوي، حيث أقدم ملكنا -أمد الله في عمره- على أخذ اللقاح المضاد لهذا الداء، وكذلك سمو ولي عهده الأمين، ثم تبعهم الكثير من الوزراء والأمراء والمسؤولين باختلاف مراكزهم ومناصبهم، فقط لتأكيد المؤكد. إن من مسلمات تاريخنا السعودي أن قيادة هذا البلد لطالما كانت متقدمة بخطوات على أفراد مجتمعها، الذين كانوا يواجهون أغلب المستجدات، أيا كان نوعها وطبيعتها، بالكثير من التخويف والترهيب، إلى أن يثبت خلاف ذلك، وعندما يثبت لهؤلاء الجهلة هذا الخلاف ينقلب حالهم من أشد المنتقدين لها، إلى أكثر المتفاعلين معها، وهذا تماما ما حصل مع لقاحات وباء (كوڤيد - 19) محور الحديث، حيث أصبحنا نشهد حاليا إقبالا كبيرا من الجميع على أخذ هذه اللقاحات، ومن ضمنهم أولئك الذين كانوا يمارسون الإرجاف حول جدوى اللقاحات ومدى نفعها.. فالحمدلله على نعمة آل سعود ونعمة السعودية.