ربما لا يخطر على بال مواطن بسيط في قرية نائية أن هناك رقما بحجم 3.62 مليارات ريال نائما بين "مديونيات" دفترية لا تزال شركتا أرامكو و" الكهرباء " تتنازعان على أحقيته منذ سنوات، دون التوصل إلى حل، والنتيجة ، استمرار نوم هذا الدين بين دفاتر السجلات. فهو لا يشعر بأن هذه الريالات التي تطول إلى 10 خانات لا صلة لها مباشرة بأرقامه الآحاد الخاصة بوقود بنزين سيارته، أوبسداد فاتورة استهلاكه للكهرباء. وغاية ما يُمكن أن يتصوره هذا المواطن عن "الديون"؛ هو التزام المدين أمام الدائن. أما استمرار اختباء دين ضخم كهذا بين "الوسائد" البيروقراطية؛ فهو أمر لا يُمكن أن يحدث إلا من فئة قليلة من المتهربين من دفع الإيجارات أو فواتير الاتصالات أو دفاتر دكاكين الحيّ. غير أن نوم هذا الدين الكبير (3.62 مليارات) ما زال مستمراً بين أرامكو والكهرباء في واحدة من أثقل قضايا المديونيات وزناً في الاقتصاد السعودي. وخلاصة القضية تتلخص في أن شركة أرامكو السعودية "ما تزال" تطالب بنصيبها من أرباح سنوية موزعة عن حصتها في رأس مال شركة الكهرباء. وقد وصلت هذه المطالبة إلى مبلغ 1.53 مليار ريال، منذ بداية تأسيس الشركة حتى 31 ديسمبر2008، إضافة إلى 2.09 مليار ريال تخصّ مناولة الزيت الخام. لكنّ تقريراً صادراً عن "الكهرباء" يرى عدم أحقية المطالبة بالأرباح السنوية خلال السنوات العشرين الأولى من تأسيس الشركة، باعتبار أن أرامكو مملوكة بالكامل للدولة، وينطبق عليها قراران من مجلس الوزراء صدر أحدهما عام 1419 فيما صدر الآخر عام 1430. وطبقاً للتقرير فإن القرارين أقرّا تمديد تنازل الحكومة عن نصيبها من الأرباح التي توزعها الشركة السعودية للكهرباء لمدة عشر سنوات أخرى. وبالتالي؛ فإن أرامكو التي تمتلك من رأس مال الكهرباء 6.9% ليس لها أيّ حق "قانوني" في الأرباح. وفيما يخصّ المبلغ الآخر الذي يصل حجمه إلى 2.09 مليون من الريالات؛ فهو داخل، أيضاً، في خلاف بين الشركتين حول رسوم مناولة الزيت الخام التي تطالب بها أرامكو لبعض المواقع. وقد علقت الشركة، في تقريرها، بأنها لا تتوقع أن ينتج عن هذه المطالبة أي التزام على الشركة، استناداً إلى مرسوم ملكي صدر في رجب 1415، ولأسباب إجرائية تخصّ تشكيل لجنة وزارية لمناقشة المشكلة، ولسبب "فني" حسب التقرير هو أن أرامكو ورّدت زيتاً خفيفاً بدلاً عن الزيت الثقيل، وقد نتج عن ذلك فرق قدره 279 مليون ريال. محافظ هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج الدكتور عبد الله الشهري أكد ل " الوطن" أن الخلاف مازال محل نقاش بين الشركتين، حيث تعمل الهيئة بالتعاون مع الجهتين لدراسة الممارسات العالمية المعمول بها في هذا المجال، والاتفاق على نموذج يمكن تطبيقه في المملكة، يبين تكاليف تمرير قيمة الاحتياط الذي توفره شركة الكهرباء وغيرها. وقال الشهري إن الخلاف ظهر حول تصنيف أحمال أرامكو الكهربائية، إذ ترى أرامكو أن جميع الأحمال صناعية وتخدم صناعة البترول والغاز، بينما ترى سكيكو أن بعض الأحمال غير صناعي وتجب معاملته حسب تعرفة الاستهلاك المناسبة من حيث هو سكني أو تجاري أو تعليمي أو غيرها. وقال: تم رفع الآراء المختلفة إلى مقام مجلس الوزراء الذي وجه بمعاملة أحمال أرامكو حسب التعريف المعتمد للأحمال.