لا تزال منطقة عسير تشكل وجهة مميزة للسياحة الداخلية ويقصدها المصطافون من كل أنحاء المملكة بينما تكون هي في انتظارهم كل عام لتحتفي بهم. على الرغم من الإيجابيات التي شهدها الموسم السياحي في المنطقة خلال العام الحالي من تنوع وتميز الفعاليات والبرامج والأنشطة السياحية، والتي اعتبرها عدد من السياح أفضل من الأعوام السابقة، إلا أن زوار المنطقة يطمعون إلى أن يجد السائح ما يلبي رغبته من توفر السكن وإيجاد طرق يسهل التنقل من خلالها بين أرجاء المنطقة. "الوطن" رصدت ميدانيا أبرز الخدمات التي أدى عدم اكتمالها إلى استياء بعض السياح والزوار، وتباطؤ الإدارات الخدمية في تنفيذ مشروعاتها لخدمة المنطقة ومقدراتها، ومن أبرزها القطاع السياحي. خدمات الطرق تشكل الطرق العمود الفقري في منظومة العمل السياحي، وهي التي تسهل الوصول للأرياف والمواقع السياحية والأثرية؛ إلا أن الطرق، سواء كانت التابعة للأمانة أو لإدارة النقل، لا تزال دون المستوى المطلوب ولم تستوعب الحركة المرورية. ويشير المواطن محمد آل قيشان إلى أن الاعتماد الكلي لحركة النقل بين أبها وخميس مشيط على طريق وحيد هو طريق الملك فهد، والذي يعاني من تعثر نفق الخميس منذ سبع سنوات، وعدم تنفيذ جسور أو تقاطعات في الجزء الرابط بين أحد رفيدة مرورا بالمدينة العسكرية ووصولا إلى محافظة خميس، وكذلك الجهة الشمالية للمحافظة.. كل ذلك أعاق الحركة المرورية. وقال "لا تزال الإشارات حاضرة بقوة ومنذ نحو 30 عاما في ذلك الطريق، ولم ينشأ خلال تلك السنوات جسر أو نفق باستثناء النفق المتعثر، وهذا يدل على ضعف التخطيط، وعدم قدرة على مواكبة الطفرة السكانية والسياحية للمنطقة". وأضاف آل قيشان: الإشارات تكتظ بالمركبات بشكل غير منطقي، مما يسبب معاناة للجميع سواء السياح أو أهالي المنطقة، مستغربا من تصريحات سابقة لمسؤولي المنطقة عن العزم بتحويل الطرق الرئيسة في أبها إلى طرق سريعة، وإنشاء أنفاق وجسور على التقاطعات الهامة، ولم يتم تنفيذ ذلك. وتعود ذاكرة الدكتور جمال بن محمد البشري إلى يوم الجمعة 14 / 8 من صيف العام الماضي، حينما ظل حبيسا مع آخرين في طريق السودة لنحو أربع ساعات، مشيرا إلى أن كثافة المركبات فوق طاقة الطريق، وقال "طريق السودة شريان هام، ويربط عددا من القرى والمراكز والمواقع السياحية بأبها، فضلا عن كونه همزة وصل بين محافظة رجال ألمع والسودة، ومن ثم فإنه يتعين على الجهات المعنية سرعة ازدواجه، والعمل على تعديل بعض المنحنيات به، وبما يحقق السلامة لسالكيه". وفي اتجاه الجنوب يشكل الطريق المفرد المؤدي إلى متنزه الحبلة هاجسا لدى الزوار والمصطافين، فالطريق يخترق قرى ومنطقة جبلية ضيقة، ويتسبب في ازدحام المركبات وعرقلة السير، وهذا ما أكده المواطن عبدالله آل فايع "من منطقة تبوك" الذي يقول "من غير المنطقي أن يأتي الموسم وراء الموسم ولسنوات عدة وطرق المنطقة لم تتغير، ومنها طريق الحبلة"، مشيرا إلى أنه وعائلته من قاصدي عسير في كل صيف، ومع ذلك لم يلمس تطورا فعليا في الطرق التي تعد شرايين التنمية، وأضاف أن اللوحة التعريفية بمشروع وزارة النقل لربط طريق الملك عبدالله بمتنزه الحبلة بطول 6،5 كلم، تشير إلى توقيع عقده مع المقاول بتاريخ 16 / 7 / 1429، بقيمة 55 مليون ريال، وتم تسليم الموقع في 15 / 8 / 1429، والتاريخ المقرر للانتهاء والتسليم الابتدائي حدد بتاريخ 15 / 2 / 1432، وتم تمديد العقد لنحو عام ينتهي في شهر محرم الماضي، وإلى الآن لم ينته العمل. أما المهندس عبدالله بن معيوف القحطاني فقال: لم أر تطورا في عسير يستحق الاهتمام، فالوضع كما هو عليه قبل عقد ونصف من الزمن، مما أدى إلى التأثير السلبي على السياحة. ويضيف قائلا: الإشارات والتقاطعات التقليدية تحاصر الأهالي والزوار في كل مكان، وكنت أجزم قبل عودتي لأبها أن مشروعات بلدية في مجال السفلتة والإنارة والرصف وتصريف السيول قد عمت مدن أبها وخميس مشيط ومحافظات عسير، إلا أنني وجدت الحفر والمطبات وسوء التنفيذ في أعمال السفلتة. التسول يزامن الموسم يتزامن موسم الصيف في منطقة عسير مع زيادة المتسولين الذين يتواجدون في المتنزهات، وخصوصا السودة والحبلة، مما يؤدي إلى ازعاج المصطافين، إذ أكد المواطن فهد أبانمي "من الرياض" أنه خاض الصيف الماضي تجربة مزعجة مع المتسولين في منطقة عسير، حيث لا تكاد تخلو حديقة أو متنزه منهم، وتسببوا في إزعاج حقيقي للمصطافين من خلال ملاحقتهم والإلحاح عليهم بالسؤال، ويرى أن تكثف الجهات المعنية سواء الأمنية أو الشؤون الاجتماعية من جهودها للحد من كثرة المتسولين. مهرجانات تقليدية مملة ويكشف خبير التسويق، عضو المركز العربي للإعلام السياحي خالد آل دغيم أن الدول السياحية المتقدمة تنفرد بإقامة المهرجانات المتخصصة التى تحظى بإقبال جماهيرى كبير، على اعتبار أن المهرجانات من أهم وسائل الجذب السياحي والإعلامي، عطفا على مردودها الاقتصادي، مشيرا إلى أنها تقام عن طريق كوادر مدربة ومؤهلة، في حين أن الواقع لمهرجاناتنا يشير إلى غياب الكفاءات التي تديرها، وتشتد الحاجة إلى عقد ورش عمل لتدريب العاملين بها، ومن ثم الدفع بهم إلى سوق هام يتجاوز رأس ماله سبعة مليارات، حسب الإحصائية الأخيرة لمركز المعلومات والأبحاث السياحية "ماس"، وبما يعمل على تعزيز ثقة القطاع الخاص في المهرجانات التي ابتعد عنها أو يشارك بها على استحياء. وعن مقارنة مهرجاناتنا المحلية بالمهرجانات في الدول المجاورة، قال آل دغيم "تتشابه في الاسم وتختلف في المضمون والمتعة، والحكم في ذلك للسائح، الذي يعد خروجه عن الوطن لطلب السياحة مؤشرا على قصور برامج السياحة الداخلية". قلة الحدائق والمتنزهات ويبدو جليا حاجة المنطقة إلى زيادة الحدائق والمتنزهات، الأمر الذي يكشفه اقتحام عدد من الزوار لأسوار جامعة الملك خالد "كليات البنات"، ومطار أبها، بحثا عن أماكن للتنزه. وكان لقلة الحدائق، أو عدم خدمتها بشكل أفضل، أو تعرض بعضها إلى الاقتطاع، أو تحويلها إلى مرافق أخرى؛ السبب المباشر في انزعاج عدد من الزوار والأهالي، فيما تزداد المشكلة مع إغلاق بعض المتنزهات وفتحها فقط خلال الصيف. ويشير المواطنان هادي القحطاني وعلي الأحمري إلى أن الجهات المعنية لم تواكب الطفرة السكانية التي شهدتها المنطقة، ولا أدل على ذلك من لجوء عدد من العائلات إلى اقتحام أسوار المطار أو الجامعة، مطالبين بإنشاء المزيد من المتنزهات، مع تطوير المتنزهات الحالية بشكل جيد. تضييق الخناق على الشباب "للعائلات فقط".. لافتة باتت متواجدة في كل مكان، حيث يتساءل الشاب أحمد آل زارب بقوله "إذا منع الشباب من الدخول لعدد من المواقع السياحية والمتنزهات، فما هو البديل؟ فتارة يمنعون من التخييم، وأخرى يمنعون دخول المتنزهات، وثالثة من الاجتماع مع أصدقائهم"، منتقدا ضعف البرامج الموجهة للشباب، وقلة المواقع المخصصة لهم. وأشار آل زارب إلى أنه يتعين على الجهات المعنية إعادة النظر في البرامج المقدمة للشباب واحتواء وقت فراغهم، وجعلهم أعضاء فاعلين في مناشط الصيف. أسعار قطاع الإيواء في الوقت الذي تنتشر فيه عشرات الفنادق والشقق المفروشة، إلا أن عددا من زوار عسير، ومنهم فيصل البشري، وعبدالرحمن بن عوض آل هادي، يرون أن خدمات تلك المراكز لا تتفق مع أسعارها، فالأسعار مرتفعة نسبيا وجودة الشقق وخدماتها دون المطلوب، إضافة إلى عدم وجود المواقف الكافية، والخدمات التي ينشدها المصطاف، مناشدين هيئة السياحة بسرعة تطويرها، وتصنيفها لتكون ملبية لكافة الشرائح، ومتوافقة مع مستوى دخل الأسر الزائرة. صوت المسؤول "الوطن" وضعت تلك المنغصات على طاولة المسؤولين، حيث أوضح المدير التنفيذي للهيئة العامة للسياحة والآثار في منطقة عسير، أمين عام مجلس التنمية السياحية عبد الله بن مطاعن، أن أسعار الشقق والفنادق في متناول الجميع، ومعدل متوسط الأسعار يتفاوت ما بين 200 إلى 450 ريالا لليوم الواحد، لافتا إلى أن الهيئة أصدرت مؤخرا 142 مخالفة للمنشآت السياحية في المنطقة، وأغلقت بشكل مؤقت 12 منشأة خالفت أنظمة وتعليمات الهيئة، فيما قامت كوادر الفرع بجولات ميدانية مع الشركاء في القطاعات الحكومية الأخرى بهدف التأكد من التزام مشغلي المنشآت السياحية بمتطلبات واشتراطات التراخيص النظامية، وذلك استجابة لتوجيهات سمو أمير المنطقة الأمير فيصل بن خالد. وأضاف مطاعن أن الفرع تابع مدى الالتزام بالتسعيرة المحددة من الهيئة ومقارنتها بالخدمة المقدمة للنزلاء، إلى جانب التأكيد على معايير النظافة والخدمات المقدمة بالمنشآت، موضحا أن منطقة عسير يوجد بها 35 فندقا وقرابة 1000 وحدة سكنية، في حين أن بعضها ما زال تحت الترخيص والتأكد من نظاميتها وإيفائها بالمتطلبات، مشيرا إلى أنه يمكن استقبال شكاوى المواطنين والمقيمين فيما يتعلق بالجوانب السياحية والخدمات المقدمة على مركز الاتصال السياحي المجاني " 8007550000 ". أما أمين منطقة عسير المهندس إبراهيم الخليل، فأكد أن تأخر سير العمل في بعض الجسور والأنفاق يعود إلى أسباب عدة، منها تداخل المشروع مع أعمال جهات خدمية أخرى، أو إعادة بعض التصاميم، لافتا إلى أن الأمانة عملت وبالتنسيق مع إدارة المرور على إيجاد بعض الحلول الذكية، مثل إلغاء بعض الإشارات في مواقع مختلفة، وتنفيذ مسارات أخرى في بعض المواقع بهدف انسيابية حركة السير. ومن جهته، أكد مدير عام إدارة النقل في المنطقة، المهندس علي مسفر، أن إدارته بدأت في تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع ازدواج طريق أبها السودة من خلال إعداد المسوحات وتعديل بعض المنحنيات، ولفت إلى أن هذه المرحلة ستشمل 25 كيلو مترا. ويشير مدير مكتب المتابعة التابع للشؤون الاجتماعية في منطقة عسير علي الأسمري، إلى أن الآلية المتبعة لعمليات الضبط هي أن تتولى الجهات المعنية في كل محافظة القبض على المتسولين وإحالة السعوديين منهم إلى مكتب المتابعة في الشؤون الاجتماعية لبحث حالاتهم، وإحالة المقيمين إلى إدارة الجوازات لمعرفة أوضاعهم ومدى نظامية إقاماتهم من عدمها. وأضاف الأسمري أن مسؤولية ضبط المتسولين تعد مشتركة بين عدد من الجهات، ويلعب المواطن دورا رئيسا في ذلك، إذ يجب تحييد العاطفة، ووضع أمن ومصلحة الوطن فوق كل اعتبار، فيما يتعين على المتصدقين توجيه أموالهم إلى الجهات الخيرية الرسمية.