يتباهى مسؤولون أمريكيون بأن القاعدة اليوم في أضعف حالاتها، فقد تناقص عدد قياداتها بسبب الغارات المكثفة التي تنفذها طائرات بدون طيار تحلق في باكستان ومداهمات العمليات الخاصة التي تجرى في أفغانستان. ولكنهم ينبهون في ذات الوقت في ما يبدو تناقضا، إلى أن إرهابيين أكثر عددا وأرقى تدريبا يضعون الولاياتالمتحدة الآن نصب أعينهم. وأشار المسؤولون إلى أنهم رأوا، بطول المنطقة القبلية النائية الوعرة الواقعة بين الحدود الأفغانية - الباكستانية التي تختبئ فيها الجماعات الإرهابية، علامات تشير إلى اندماج القاعدة بتنظيمات أخرى تستهدف القوات الأمريكية، ومنها قوات جلال الدين حقاني وطالبان باكستان، وهما جماعتان مسلحتان كانتا تركزان في السابق على المناطق المحلية وحدها. وهو ما علق عليه رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة مايك مولن، في كلمة له ضمن منتدى الأمن في معهد أسبن الدولي بولاية كولورادو الأسبوع الماضي، قائلاً "إن الجماعات المتشددة تحولت إلى تنظيم تعاوني يجمع بين المنظمات الإرهابية التي لديها رغبة عارمة في قتل الأمريكيين". وفي ذات المنتدى أكد مدير المركز الوطني لمكافحة الإرهاب مايكل ليتر، أن "الاضطرابات تمتد بالتوازي إلى اليمن وأفريقيا. فالمنظمة المتفرعة تحيك المؤامرات الإرهابية التي أضحت أكثر استعصاءً على محاولات الرصد فضلا عن المنع". فيما يتوجه وفد من مكافحة الإرهاب رفيع المستوى لباكستان الأسبوع الجاري في مسعى لإقناع إسلام أباد بمواصلة الضغط على الجماعات المتشددة التي تعمل بصورة موحدة تقريبا مع القاعدة. وقد نفت الحكومة الباكستانية تقارير إخبارية تحدثت عن مد يديها لقبيلة حقاني التي تضم حلفاءها السابقين في مسعى لضمان مشاركتها في المحادثات الجارية مع الحكومة الأفغانية. أما الفقرة الأخرى من رسالة الإدارة الأمريكية والتي تتمثل في أن الحملة نجحت في تقليص قيادة القاعدة، فهي تستهدف الرأي العام الأمريكي الذي ينظر بعين الريبة بصورة متزايدة إلى هذه الحرب التي طالت 9 سنوات. ففي يونيو الماضي لقي أكثر من 60 جندياً أمريكياً مصرعهم بأفغانستان وهو ما جعله واحداً من الأشهر التي شهدت أفدح الخسائر في أرواح الأمريكيين في تاريخ هذه الحرب. وتظهر استطلاعات الرأي أن غالبية الأمريكيين لم يعودا يعتقدون أن حرب أفغانستان تمثل معركة ذات جدوى. ويشير مايكل ليتر إلى أن "لغة الأرقام تكشف أن القاعدة تلقت ضربات قاصمة من خلال غارات الطائرات غير المأهولة والمداهمات التي تمت في غضون الأشهر ال18 السابقة"، مضيفاً أنه "على الرغم من أن أسامة بن لادن ما يزال هاربا، إلا أن نصف زعامات القاعدة قتلوا خلال العام الماضي". وأضاف ليتر أن "عدد الأعضاء من حاملي بطاقات القاعدة في أفغانستان تقلص إلى ما بين 50 إلى 100 عضو فقط ونحو 300 آخرين من الناشطين في باكستان. كما أن عناصر القاعدة في باكستان محاصرة بصورة أساسية في بيشاور الواقعة شمال البلاد بالإضافة إلى وزيرستان الشمالية التي يتمركز فيها أولئك مع شبكة حقاني وطالبان باكستان، وهناك عدد قليل في منطقة كويتا، حيث تتمتع طالبان أفغانستان بنفوذ في منفاها هناك". أما المحلل في مؤسسة نيو أمريكا ،بيتر بيرجان، فيحذر من وصف التعاون بين تلك المنظمات بالتطور الجديد ، مشيراً إلى أن "هذه المنظمات تعاونت طيلة سنوات، وحتى قبل هجمات 11 سبتمبر2001". وأضاف بيرجان "لقد قاتلت قوات حقاني جنباً إلى جنب مع طالبان أفغانستان للمساهمة في إعادة طالبان، التي كانت تمثل المضيف السابق للقاعدة، إلى سدة الحكم. وتسعى طالبان باكستان للإطاحة بالحكومة المركزية في إسلام أباد. أما عسكر طيبة، وهي منظمة إرهابية أخرى تتعاون مع القاعدة، فقد وضعت الأهداف الهندية نصب عينيها، ونفذت هجمات مثل العدوان الذي استمر 3 أيام على مومباي عام 2008 والذي قتل فيه 170 شخصاً".