يشهد وسط التجارة الإلكترونية في المملكة مطالبات تنظيمية وحمائية، تبدأ بتوفير منافذ جديدة للسداد عبر استحداث نظام شبيه بنظام "سداد" المتبع لدى البنوك، وتكثيف التوعية بثقافة البطاقات الائتمانية وطرق استخدامها، ولا تتوقف عند إيجاد مرجعية واضحة من شأنها تصنيف المواقع التجارية الإلكترونية لتنظيم التجارة الإلكترونية وزيادة موثوقيتها. ويأتي ذلك في وقت قال فيه مستشار أمن المعلومات في شركة "فيرجن بزنس" عمرو العولقي إن المستهلك تكونت لديه ثقافة ترسبت من أحداث وقصص لحوادث الاحتيال الإلكتروني مما شكل فجوة بين ثقة المستهلك ومزود السلعة، في حين لا توجد جهة مختصة أو كيان تقني جنائي يمكن اللجوء إليه في حالات جرائم الإنترنت ولكن يمكن مقاضاة ومحاسبة مرتكب الجريمة المعلوماتية. ويرجع مستثمرون في قطاع التجارة الإلكترونية، أسباب عدم انتشار التجارة الإلكترونية، إلى عدم الحرص على نشر ثقافة استخدام البطاقات الائتمانية وتسهيل اقتنائها من قبل البنوك وشركات البطاقات الائتمانية نفسها، وعدم إتاحة خدمة "سداد" للمتاجر الإلكترونية ولا حتى الشركات المتوسطة، إضافة إلى ارتفاع أسعار الشحن لدى شركات الشحن العالمية، وغياب الشفافية والعدل في التسعير، وانخفاض كفاءة البريد السعودي، وتقصيره الكبير في فرض استخدام عناوين "واصل" البريدية. وهنا أكد صاحب موقع إيفادي أحمد العلولا، على وجوب توفير تسهيلات عديدة للسوق الإلكتروني السعودي لكي يزدهر وينمو بالشكل المطلوب، مبينا أن السوق الإلكتروني بإمكانه أن يتضاعف أكثر من 14 ضعف حجمه الحالي، متى ما وجد الدعم والتسهيلات اللازمة، إلا أن هناك عوائق وصعوبات تتمثل في انخفاض انتشار استخدام البطاقات الائتمانية في السعودية، وعدم ثقة كثير من المشترين بطريقة التحويل البنكي، الأمر الذي يتطلب ابتكار حلول عملية لها، مضيفا أن تلك الصعوبات جعلت أصحاب المواقع التجارية الإلكتروينة يلجؤون إلى اعتماد طريقة "الدفع عند الاستلام" في معظم الطلبات، مشيرا إلى أنه وبالرغم من تكلفتها العالية وارتفاع المخاطرة فيها إلا أنها تسببت في ارتفاع كبير في عدد الطلبات وانتعاش في سوق التجارة الإلكترونية. من جهته قال مدير العمليات لدى شركة بحر التجارة الإلكترونية عبدالله الدريعان، إن العملاء لا يثقون بالتجارة الإلكترونية، مرجعا ذلك إلى عدم الثقة بطريقة الدفع، إذ لم يقتنع أفراد المجتمع بالدفع بالبطاقة الائتمانية عبر الإنترنت، ولذا وجب على المستثمرين السعوديين في الإنترنت أن يعتمدوا على الدفع يدويا عند الاستلام. وذهب الدريعان في حديثه إلى انعدام وجود تسهيلات بنكية للمنشآت الصغيرة، مثل طريقة سداد، وهو ما دفع الأفراد لاستبدالها ببطاقات مسبقة الدفع مثل "كاشيو" و"ون كارد" وغيرها، مؤكدا أن أسعار شركات الشحن مرتفعة، حيث تعتمد على ذات الأسعار التي تقدمها للشركات الضخمة. وذكر الدريعان أنه يستغرق وقتا كبيرا لإقناع العملاء السعوديين بنجاح التجارة الإلكترونية، إلا أن هناك أمورا كثيرة لم يستطع إقناع العملاء بها، مثل استخدام بطاقة الفيزا، مؤكدا أن السلع المعروضة عبر مواقع "الأون لاين" أقل سعرا من نظيرتها في المحلات، حيث إن التكلفة التشغيلية لا تحسب من ضمن سلع الأون لاين. وأشار الدريعان إلى أن شركات "الأون لاين" الوهمية التي تخدع العملاء هي السبب في بناء حاجز خوف لدى مستخدم الإنترنت، وذلك بسبب عدم وجود تنظيمات من الجهات الحكومية المعنية مثل وزارة التجارة للحد من تلك التلاعبات. وقال الدريعان إن من ضمن الحلول المبدئية التي لا بد من التعامل بها لدعم مصداقية مواقعهم، استخراج سجل تجاري من وزارة التجارة، مؤكدا أن الفترة الأخيرة شهدت ازدهار التجارة الإلكترونية وكثرة المواقع الإلكترونية التي تنوعت خدماتها، إلا أنه استدرك بأن التجارة الإلكترونية في المملكة ما زالت متأخرة عن الدول المجاورة، التي وفرت حلولا وبدائل لعملائها كتوفير طرق دفع عن طريق سداد، أو الدفع عن طريق فاتورة الهاتف، مشيرا إلى أن تلك الأمور قد تساهم في نقلة نوعية لانتشار التجارة الإلكترونية في المملكة. إلى ذلك قالت أروى عبدالله وهي متسوقة في سوق الإنترنت، إن سلع السوق الإلكتروني أرخص من مثيلاتها في الأسوق السعودية، إلا أن المشكلة التي تواجه المتسوقين هي كثرة الصرف فكبسة زر واحدة تشتري منتجا قد تتردد في شرائه وهو بداخل المركز التجاري. وتضيف متسوقة أخرى أمل يونس، أنه يجب أن تكون جهة كوزارة التجارة أو جهة مختصة لتنظيم مواقع التجارة الإلكترونية السعودية بتصنيفها كمصداقية ومرجعية لتلك الجهة التنظيمية حتى تزدهر التجارة الإلكترونية السعودية، مبينة أنه يصعب على الأفراد الوثوق بشركات لا توجد لديها مرجعية رسمية. يذكر أن وزارة التجارة أصدرت أخيرا كتيبا بعنوان' "التجارة الإلكترونية في المملكة... انطلاقة نحو المستقبل" ويأتي إصدار هذا الكتيب في إطار سعي الوزارة لنشر الوعي بأهمية التجارة الإلكترونية، ولكن في ظل هذه الجهود يبقي شح المنتجات المعروضة وضعف الدعم اللوجستي وخدمات الدعم الفني وقلة المنافسة عائقا يقف بين توسع التجارة الإلكترونية في المملكة وزيادة نمو شريحة مستهلكي هذه الخدمات في المملكة.