تصور عقلك للمنطق والواقع يرتبط ارتباطا وثيقا بالتكنولوجيا. أنت مسيّر الآن على بعض التطبيقات والتّسهيلات الحياتية التي تحاط بنا، تكاسل شيئا فشيئا، تتقلّص دائرة أحلامك حتى تتخلى عنها، تدعها تطير بحجة الشعور بالراحة والانعزال أو لنقل الحقيقة بالرضا عن الكسل. الشاشة، أي شاشة كانت تُشركك معها فتتخيل بأنك جزء من أي نص أنت تشاهده مهما كانت اهتماماتك ترضى بالخيال ثم تأسى وتسخط على ماهو حولك! أتعبتنا هذه الشاشات. تميّز التطور الإلكتروني بأنه يستطيع سحب الوقت بأسرع طريقة، عدّادك يمضي، تتحسر قليلا ثم تواسي نفسك باللجوء إلى من هم شبهك! قل لي من أنت الآن؟ نسخة أخرى؟ أم ضحيّة لكونك لا تريد التعب؟ لكونك أنت؟ لا تصدق بأن الأمر بات أسهل، بل أعقد، الوقت سريع في كل شيء، العالم لم يعد كرة وإنما ورقة واحدة، كلنا يريد العيش، كلنا يبحث عن السعادة، لكن بمعنى مختلف عند كل شخص، لم نعد نستطيع تعريف معنى السعادة.. باعتقادي، إنها ما ينقصك، ما يسد عقدك، أنت تتطور أيضا، تُستبدل في بعض المطارح بجهاز لا روح فيه، فأين قيمة الإنسان في كل هذا؟، أهي بالوجودية؟، أم بالعبثية؟ ما الفرق؟ لن أبحث عن الفرق.. أتعتقد بأنك أمر عبثي؟ والأمر بات يعتمد على المساومة عليك؟ والفوز بالورقة الرابحة؟ ولكن، ما هي ورقتنا الضد؟ أرواحنا؟ أم نحن على نحن؟. هي ورقة.. تماما كما أصبحت الكُرة.. آه أرأيت كم باتت الأمور بسيطة.. الإنسان والكرة الأرضية ورقة واحدة.. شاشة واحدة. في الحقيقة إن الورقة الثانية هي الإنسان أيضا، الإنسان ضد الإنسان، من يركض وراء التطور، ومن الذي يحمل عقلاً يعمل على تدمير عقل آخر؟ نحن ..نساعد في تدميرنا، من أجلنا. مع ذلك مازلنا بشرا. بشر.. بشر.. كثير من جنسنا وكثير من الأحلام المعلّقة.. كثير من الأفكار، هل فكّرت يومًا بأن تبحث عن عدد مستخدمي شبكة تواصل معينة؟، أنت واحد من 330 مليون مستخدم لِشبكة "تويتر" لعام 2019. أترى كم أنت لا شيء يا أيّها الشيء؟ ومع هذا هناك بشر، هناك من لا يستخدم شيئا من كل هذا.. بلادُ الفقر والجهل، البلاد المهددة بالإبادة البشرية! يا إلهي! كم نحن لا شيء ومع ذلك شيء! يُشغل الحكومات ويشغل التطور والتطور! لماذا لا يطوروننا نحن البشر؟ نسيتُ بأننا نحن من نطور نحن. أيها البشري.. أتسمعني؟ الإنسان الآخر الذي يساوم على العيش بحياة مستقبلية علمية ومثالية مازال يعمل، فالذي أنت فيه الآن سيندثر بعد مدة، ربما ستصبح الحياة دون ورقة حتى، سيعثر البشري العامل على شيء يناسب حجم عقلك المستقبلي!. سيتغير تصورك للمنطق. يا بشريّ!