جاء في الحديث النبوي (أحبِبْ حبيبَكَ هونًا ما، عَسى أن يَكونَ بَغيضَكَ يومًا ما، وأبغِض بغيضَكَ هونًا ما، عسَى أن يَكونَ حبيبَكَ يومًا ما). وهذا على الصعيدين الشخصي والرسمي، فأحسن الظن مع من تتعامل معه، ولكن بحذر؛ لوضع «خط رجعة» فيما لو حصل ما لم يكن في الحسبان. فكم من دروس وقعت ولم يتم الاستفادة منها، فقد تعطي ثقتك المطلقة في الآخر ثم تنصدم بما هو غير متوقع، لذا توقع الأحسن لتنجز، وفِي نفس الوقت توقع الأسوأ لتحذر. ولا تفسد علاقتك مع أحد، ثم تتفاجأ بأن الظروف قد أكرهتك على التعامل معه، فاترك «شعرة معاوية» حتى مع أشد المخالفين. وقد يكون الآخر مستحقا لحسن الظن فيه، وأهلاً لأن تحبه وتثق به، وتتعامل معه براحة، ثم مع الزمن يتغير، ويتحول إلى الغرور وجنون العظمة، وحينها تكون أنت المتسبب في تعاليه وغطرسته؛ لمنحك إياه الثقة المفرطة وغير المرشدة. وحتى الذي تبغضه فلا تبالغ في كرهه وسوء تعاملك معه، لأنك قد تعود إليه وتحتاج للتعامل معه، وربما صار معك لا عليك. فلا تحب %100 وإنّما %99 كأقصى حد، وتترك %1 كخط رجعة لتبغضه، وكذلك لا تبغض %100 وإنّما %99 كأقصى حد، وتترك %1 كخط رجعة لتحبه. والمؤمن كيّس فطن، ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، والحياة دروس لذوي العقول المتراكمة وبحكمة غير متناهية.