نحن في عالم يموج بالصراعات والاستقطابات، وباع فيه بعض «رجال» الدين -فضلاً عن «المتاجرين» بالدين ناهيك عن غيرهم- ضمائرهم من أجل الارتزاق. وفي الغالب لا يوجد صديق كامل ولا عدو كامل، و(أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما). ومن الحكمة أن تكثر الأصدقاء ولو لم تكن لديك ثقة كاملة بهم، وذلك لجلب خيرهم ودرء شرهم، وليس من الحكمة استعداء من يظهر محبته بل ينبغي الاستفادة منه، مع الحذر. وهناك نماذج عديدة يمكن التمثيل بها، ولكن ليس هذا هو المنهج القويم وإنما حسبنا سنة (ما بال أقوام). فصناعة الأصدقاء صعبة، والمحافظة عليهم أصعب، وحينما نَخونهم أو نُخوّنهم ونتناسى مواقفهم الإيجابية فإننا سنخسرهم ونرميهم لأحضان العدو الذي سيفرح بهم، ولئلا يكون لسان حالهم (هذولا ما لهم رفيق ولا خاتمة)، فالوفاء من شيم الكرام، والمحافظة على الأصدقاء من بركة الحكمة، فكل عربي ومسلم يقف معك فلا تخسره ولو لم تكن كامل الثقة به. ويكفي حمق المزايدات التي خلطت الأوراق بين الصديق والعدو، فاستغلها الأعداء من الأنظمة الانتهازية والتنظيمات المؤدلجة والأفراد المرتزقة. والذي لا تكسبه صديقاً فلا تخسره فضلاً عن أن تجعله عدواً، ولا تدعم المشكوك فيه، ولكن لا تستعديه فتشهره فيدعمه مشترٍ له ضدك. والعقل نعمة، والحرب خدعة، والمزايدة غبية.