«كونك ما تحبين البنت الفلانية! لا يعني أنه من واجباتك تكرهين خلق الله فيها! واضح كلامي يا النفسية!» أعتقد أن الرسالة في هذه الطرفة ليست موجهة للنساء فقط بل حتى للرجال أيضاً! فهناك أناس متطرفون في مشاعرهم! إذا أبغضوا سعوا بكل وسيلة أن يبغض الجميع من أبغضوه، بل ويغضبون ممن لم يبغض لبغضهم، وإذا أحبوا أشغلوا الآخرين بمن يحبونه، حتى كأنهم يعتقدون أنه تجاوز مرحلة البشرية! ويصل الأمر ببعضهم لإلباس مشاكله مع الآخرين لبوس الدين والوطنية فمعاداة الشخص الذي لا يحبه هي علامة التدين وصميم الوطنية، ومحبته علامة واضحة على النفاق والتملق! المشكلة أن هؤلاء (النفسيات) يجدون ضعيفي ثقة بالنفس جاهزين لتأجير عقولهم ومشاعرهم فيبغض هؤلاء لبغضهم ويحبوا لحبهم، بل وقد يصل بهم الأمر إلى أبعد من ذلك تحت مسمى (الفزعة)! فعند النظر في مشاكل يقبع أبطالها في السجون ويسعى أهلهم في حملات لعتق رقابهم نجد أن بدايتها (فزعة) ودخول في مشكلة صنعها قريب أو صديق، فتدخل أبطال (الفزعة) فيها وهم لا يدرون ما السبب؟ ولا من المخطئ؟! ولكن المثل -الذي يظنه البعض حديثاً- يقول: «أنا وأخوي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب»! إذن عليك أن تشارك وبعد ذلك تسأل إن كنت تستطيع السؤال! من التطرف في هذا الموضوع أن بعض الكبار هم من يؤججون هذه المصائب، فتجدهم في أحاديثهم ووصاياهم –بل ونصائحهم المباشرة- يلومون من يتخلف عن نجدة قريبه ونصرته حتى ولو كان مخطئاً! ليتنا نعود لشرعنا الحنيف وقيمنا السامية التي ضبطت كل جزء من حياتنا بقواعد راقية فقد قال المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قيل: يا رسول الله نصرته مظلوماً، فكيف أنصره ظالماً؟ قال: تمنعه من الظلم، فذلك نصرتك إياه». لا أن تشاركه في ظلمه خوفاً من الملامة الشاذة، والإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: «أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما».