تشهد المملكة العربية السعودية نموا عاليا وتطورا في الدراسات والتعليم القانوني، برز ذلك على مستوى التوسع في الجامعات السعودية وسعيها بافتتاح تخصص القانون على مستوى درجة البكالوريوس. نجد أيضا الاهتمام المتواصل الذي تبذله المملكة في تقنين وتشريع بعض الأنظمة التي صدرت مؤخراً واشتملت على الجوانب الإدارية، الجنائية، وكذلك القضايا التجارية. من خلال تجربتي الأكاديمية والقانونية أرى أنّ هناك ثلاثة أسئلة رئيسة تتناول مستقبل الدراسات القانونية في الجامعات السعودية، الاهتمام بها والعمل عليها سيحقق فرقا كبيرا ونموا عاليا في هذا التخصص ومدلول ذلك اهتمام كليات القانون العالمية بهذه المحاور لتطوير هيكلتها التعليمية والقانونية. الفئة المستهدفة من التعليم القانوني Who are we teaching، وسائل التعليم المستخدمة How do we teach Law، ما الذي يتم تدريسه What are we teaching؟. يهدف المحور الأول إلى العناية بالفئة المستهدفة من دراسة علم القانون في مرحلة البكالوريوس، ولذلك نجد أن كثيرا من الجامعات العالمية تشترط نسباً مرتفعة للقبول في تخصص القانون، وتكون نسباً قريبة لمثيلتها في كليات الطب لضمان جودة الاستقطاب. هناك أيضاً مقترحات تم إدراجها في بعض المجلات القانونية الأمريكية لتطوير التعليم القانوني وتتمثّل بإضافة اختبار تحليل الشخصية الذي يساعد في معرفة شخصية الطالب وتحديد سلوكه وأيضا قياس درجات المهارات السلوكية التي يتمتع بها، أيضا من العوامل التي تساهم في انتقائية الطلاب وجود برامج متخصّصة لطلاب السنة التحضيريّة، اقترحت بعض الدراسات تخصيص سنة تحضيرية تركّز على التأسيس القانوني، وذلك من خلال وجود مقررات ذات صلة كمقررات العلوم السياسية والاجتماعية تهتمّ بنوعية المواد المنتقاة، وليست على درجة كميتها الواسعة في السنة التحضيرية. المحور الثاني الذي يتحسّن مراعاته في تطوير الدراسات القانونية المنهج والوسيلة، تبرز أهمية هذا الجانب في طريقة ربط وإرجاع الطالب إلى المصادر الأساسية ومنحه الفرصة لاستكشاف طرق الوصول إلى المصادر الرئيسة بفعاليّة وواقع ملموس. يتحدث الكاتب القانوني بروفيسور Wisely عن فائدة هذا المعيار ويقارنه بدراسة علم الرياضيات، يقول حينما تم تأسيس علم الرياضيات أصبح في النهاية أداة تستخدم للحصول على نتائج، كذلك دراسة علم القانون هو أداة ربط بين العلوم ذات العلاقة ولذلك قيل إن القانون هو ملك الدراسات النظرية. The King of Social Science لدوره السيادي وعلاقته الوثيقة والمتطوّرة بكثير من العلوم النظرية والعلمية. المحور الثالث والمهم في تطوير الدراسات القانونية ما الذي يتم تدريسه. بالنّظر إلى الواقع نجد أن الاعتماد الكلّي أصبح على الكتب الورقية والتي تعاني من شح التحديث وضبابيّة المحتوى في كثير من المقررات الدراسية، وقد تشكّل هذه العقبة التحدّي الأكبر في عملية التطوير، فهي تحتاج إلى مساهمة أكبر من الأقسام العلمية المختصّة ونتاج أعلى من المصادر والمراجع التي تتناول دراسة علم القانون تحديدا في المملكة العربية السعودية، وكذلك دراسة أنظمته في مجالاته المختلفة ومراعاة تطبيقاته القضائية. أخيرا: يجب ألا نغفل أهمية دور القضاة ومنحهم فرص المشاركة وتحديدا في مقررات الجوانب التطبيقية ومساهمتهم بشكل فعّال في البناء القانوني.