إعلان حالة الطوارئ في اليمن لمدة 90 يوما قابلة للتمديد    وزارة الخارجية: المملكة تعرب عن أسفها لما قامت به الإمارات من ضغط على قوات المجلس الانتقالي الجنوبي لدفع قواته للقيام بعمليات عسكرية على حدود المملكة الجنوبية في محافظتي حضرموت والمهرة    مهاجم الهلال يتربع على قائمة أمنيات جماهير فلامينغو    خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد يعزيان أسرة الخريصي    سمو الأميرة تهاني بنت عبدالعزيز بن عبدالمحسن آل سعود ترعى اختتام برنامج التدريب على جهاز برايل وتدشّن كتابها بالمدينة المنورة    مبادرة رافد الحرمين تستأنف عامها الثَّالث بتدريب المراقبين الميدانيين    تراجع أسعار النفط    الصين تجري مناورات عسكرية لليوم الثاني على التوالي حول تايوان    مجلس الأمن يعقد جلسة طارئة بشأن الاعتراف الإسرائيلي بإقليم "أرض الصومال"    قيادة القوات المشتركة للتحالف (تحالف دعم الشرعية في اليمن): تنفيذ ضربة جوية (محدودة) استهدفت دعم عسكري خارجي بميناء (المكلا ).    غزال ما ينصادي    قائد الأمن البيئي يتفقد محمية الملك سلمان    رونالدو يُشعل الصحف العالمية بثنائية الأخدود    تتويج أبطال المملكة للمبارزة    وزير الاتصالات يشيد بمشروعات "تحديات الهاكاثون التقني"    300 ألف متطوع في البلديات    فيصل بن بندر يزف 106 من أبناء «إنسان» للحياة الزوجية    "مسك" تحتفي بتخريج "قيادات واعدة"    معرض «بصمة إبداع» يجمع مدارس الفن    وزير التعليم يزور جامعة حائل    غياب ضعف وتراجع!    جيل الطيبين    حين يغيب الانتماء.. يسقط كل شيء    "الرياض الصحي" يدشّن "ملتقى القيادة والابتكار"    سماعات الأذن.. التلف التدريجي    بعد مواجهات دامية في اللاذقية وطرطوس.. هدوء حذر يسود الساحل السوري    نتنياهو يسعى لخطة بديلة في غزة.. حماس تثق في قدرة ترمب على إرساء السلام    «عريس البراجيل» خلف القضبان    أمانة جدة تتلف 4 أطنان من اللحوم الفاسدة    حكاية وراء كل باب    نقص حاد في المساعدات والمأوى.. والأونروا: الشتاء القاسي يفاقم الكارثة الإنسانية في غزة    7.5 % معدل بطالة السعوديين    المزارع البعلية.. تراث زراعي    افتتاح أول متنزه عالمي بالشرق الأوسط في القدية    رامز جلال يبدأ تصوير برنامجه لرمضان 2026    التقدم الزمني الداخلي    في روشن.. الحزم يعبر الرياض.. الفتح يواصل صحوته والتعاون يصعق النجمة    في كأس أمم أفريقيا بالمغرب.. تونس تسعى لعبور تنزانيا.. ونيجيريا تلاقي أوغندا    رجل الأمن ريان عسيري يروي كواليس الموقف الإنساني في المسجد الحرام    «الهيئة»أصدرت معايير المستفيد الحقيقي.. تعزيز الحوكمة والشفافية لحماية الأوقاف    أندية روشن وأوروبا يتنافسون على نجم دفاع ريال مدريد    ولادة مها عربي جديد بمتنزه القصيم الوطني    التحدث أثناء القيادة يضعف دقة العين    محمد إمام يحسم جدل الأجور    اليوان الرقمي يحفز أسواق العملات الرقمية    %69 من مساكن المملكة بلا طفايات للحريق و87% بلا أجهزة إنذار    نجل مسؤول يقتل والده وينتحر    معارك البيض والدقيق    الدردشة مع ال AI تعمق الأوهام والهذيان    انخفاض حرارة الجسم ومخاطره القلبية    القطرات توقف تنظيم الأنف    التعاون لوصافة دوري روشن بالفوز على النجمة    الهلال والنصر يسيطران على الريشة    «ريان».. عين الرعاية وساعد الأمن    رئاسة أمن الدولة تستضيف التمرين التعبوي السادس لقطاعات قوى الأمن الداخلي "وطن 95"    دعوى فسخ نكاح بسبب انشغال الزوج المفرط بلعبة البلوت    دغدغة المشاعر بين النخوة والإنسانية والتمرد    القيادة تعزي رئيس المجلس الرئاسي الليبي في وفاة رئيس الأركان العامة للجيش الليبي ومرافقيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قارة مثل السعودية مقصرة في حق تاريخها
نشر في الوطن يوم 18 - 06 - 2020

ويروي صديق لصديقه موقفا مبكيا يعكس مقدار الفهم السطحي القاصر، ويؤكد الغربة البعيدة والانفصام الكبير والجهل التاريخي العميق بين حقائق ووقائع وأحوال الأمس القريب، الذي كان يعيشه الآباء والأجداد في طول الجزيرة العربية وعرضها، إلى ما قبل نصف قرن من الزمن وهو في عمر الزمن قصير، وبين الواقع الناعم المرفه الذي ينغمس في حلاوته وطراوته الكثير من أبناء هذا الجيل، ويعيشونه بالطول والعرض وبالأبعاد الأربعة، إذا لم يكن هنالك بعد خامس، يقول: إن ابنه البالغ العاشرة من عمره سأله ذات مرة من بين العشرات بل المئات من أسئلته السطحية والسقيمة قائلا: ما هي أنواع السيارات التي كنتم تستعملونها قبل 50 عاما؟ وهل كنتم تفضلون النوع الألماني على الأمريكي أم العكس؟ وهل كنتم تفضلون المصيف في سويسرا على غيرها؟ وما هي أهم الأكلات التي كان الطباخ يعدها لكم مع الطعام والأكلات الشعبية؟!
يقول الأب: لم أضحك بل كدت أن أبكي فقد تذكرت الأيام السوداء العصيبة التي كنا نقوم فيها فجرا ونشد السانية، ونبدأ بسقي النخيل والزرع حفاة شبه عراة، وكنا نلتهم الفطور من جيوبنا بضع حبات من التمر الناشف، ونحن نجري مع البعير بين بسط الدلو وجذبها، والأرض تحرقنا بحرها صيفا وبردها شتاء، ونتوقف دقائق لا من أجل راحتنا فهي لا تهم كثيرا رب الأسرة، بل من أجل راحة السانية، فالدائن يطارد الأب نهارا، وتطارده أشباحه ليلا تطلب سداد قيمتها وثمن البذور، يقول: كدت أبكي فقد كان المصيف والمشتى كلمتين متساويتين، ليلها كنهارها كالحة عجفاء، ولا نعرف عن رحلة الشتاء والصيف إلا من خلال الكتب التي تتحدث عن رحلة قريش.
ويقول كدت أبكي وأنا أتذكر الوجبة الشعبية التي كنا نتحلق حولها تحلق السوار حول المعصم قبيل الغروب من كل يوم، وكان أبي يرحمه الله يكف يده متظاهرا بالشبع، ويترك لي ولإخوتي المصارعة المؤدبة الخفية على حلبة الصحن النحاسي، وكنا نغبط الأخ الأكبر على خفة يده واتساع بلعومه وصبره على ازدراد الطعام في عنفوان حرارته، وكان الحبحر هو هدية الوالدة الثمينة للأسرة عندما يجود الغيث، ويسيل الوادي أو نقوم بخدمة مشهودة في الحقل.
يقول: كدت أبكي وأنا أتذكر حمارنا الهزيل (كاديلاك الأسرة) وهو يمنح نفسه وقوائمه من الأرض بفعل التعب والجوع، وعلى ظهره حزمة كبيرة من الحطب، نسرح قبل الفجر لجمعه من آخر الدنيا، والدنيا في ذلك الوقت لا تزيد في نظرنا عن حدود المنطقة التي كنا نعيش تحت سمائها، وكان الوالد يوصينا بالحمار خيرا ويوصينا في الوقت نفسه بتكبير حزمة الحطب، وبالحضور في أقصى سرعة ممكنة، وهي كلها طلبات متنافرة. تذكرت كل هذه الأحزان والمآسي التي كانت تكبل الجزيرة العربية من كل جانب، وبحثت عنها ولا أزال أبحث بين مقررات المدارس الابتدائية ومذكرات المتوسطة والثانوية ومحاضرات الجامعات، أبحث عن كفاح التوحيد بقيادة الأب عبدالعزيز طوال 35 عاما، فلا أجد ما يعطي لهذه الجهود ولذلك الجهاد ما يستحق من أسفار ومجلدات تحكي الرواية كاملة بحلوها ومرها، وبنتائجها الإيجابية الباهرة الرائعة في توحيد مئات المناطق المتصارعة المتنافرة، لتصبح وطنا واحدا وراية واحدة وكلمة واحدة.
أين هي كأحداث تاريخية تضع الحقائق كاملة بخيرها وشرها أمام أنظار هذا الجيل (الناعم) الذي بات أكثره يعيش بأوهام مخيفة، ويتصور بأن الآباء والأجداد ولدوا وفي أفواهم ملاعق من ذهب وألماس، وأنهم ظهروا على الدنيا وهم يرفلون بحلل السعادة والمسرات، وأنهم كانوا يتناولون (الشاتوبريان) ويركبون (الرولزرويس)، وينامون على الاستبرق والحرير، ويقضون معظم أيامهم ولياليهم في ربوع باريس، وعلى شواطئ (الكوت دازور)، ماذا أقول؟ هل أقول بأننا مقصرون مع الأجيال الجديدة؟ أم هل أقول بأننا مقصرون مع التاريخ، مع الآباء والأجداد، مع الوطن تقصيرا شائنا لا مبرر له.
دعونا نتفاهم بالمنطق:
هل يصح أن تبقى (قارة) مثل السعودية تعيش في أمن واستقرار، وفي تقدم وازدهار، ولها وزن وقيمة في المحافل الدولية وبين دول وشعوب العالم.. مقصرة في حق تاريخها فلا يدون منه غير نتف قليلة هزيلة؟!
إذا كان الجواب: بلا يصح.
فعلى المسؤولين اختيار الثقاة من علمائنا الأفاضل ليقوموا بهذا الواجب العظيم، قبل أن يتوارى عن الوجود الرواة وتموت معهم حقائق التاريخ.
*كاتب وصحفي سعودي«-1929 2004»
أبحث عن كفاح التوحيد بقيادة الأب عبدالعزيز فلا أجد ما يعطي لذلك الجهاد ما يستحق من أسفار تحكي الرواية بنتائجها الباهرة في توحيد مئات المناطق المتنافرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.