حينما تدخل حربا فإنه من الواجب عليك أن تعرف خصمك وذيوله وأدواته، وأن تضع لنفسك إستراتيجية شاملة وخطة كاملة لتنفيذ هذه المعركة بجدول زمني يقاس بحياد، دون تهوين يخذل ولا تهويل يرجف. ومن ذلك محاربة الاختراق السري لتنظيمات مؤدلجة للبلاد والعباد عبر سبعة عقود، حتى تغلغلوا في كل السلطات والقطاعات، مشكلين أشبه ما يكون بالدولة العميقة وحكومة الظل والحرس القديم. ومما لاحظته تخدير الناس بأن الانتصار قد تحقق، وهذا يفت من عضد المحاربين ويقلل من أهمية المحذرين، ويعزز حماية وربما نمو المزعوم هزيمتهم. والعاقل فضلا عن العارف يدرك أن شجرة الزقوم التي تشعبت عروقها عبر سبعين عاما، وتفرعت كالأخطبوط وانتشرت كالسرطان لا يمكن المباركة بزوالها دون استئصالها، ومن ثم جرعات كيماوية للتطهر منها. أقول هذا بعد أن رأيت القوم وقد انحنوا للعاصفة دون أن تصيب سوى أظافرهم، وقوتهم الناعمة تتنفس بلا وجل ولا خجل. وعند أي فرصة تناسبهم سوف يخرجون من جحورهم بكل قواتهم التي بنوها عبر عقود. وفي النفس أشياء وفيك فطانة. فصمت عدوك لا يعني وفاته، وعدم لدغه لك لا يعني عجزه، ولكن التنظيمات السرية المتراكمة لديها الخبرة والدهاء أكثر من غيرها، وحينما يشكو المسؤول منهم أو يخاف من شرهم فإن البيئة الخصبة هي لهم، وأسوأ الخيانات عقد الصفقات تحت الطاولات لمصالح شخصية على حساب الوطن وأمنه ومستقبله.