أكسبت الأمراض والأوبئة المستعصية، التي تعرضت لها المملكة لأكثر من 104 أعوام، وحتى عامنا الحالي 2020، المملكة العربية السعودية إدارة الأزمات بكل اقتدار، والشواهد كثيرة في ذلك بين الماضي والحاضر، يؤرشفه التاريخ في كيفية تعامل المملكة مع البلاء والمحن. وباء الطاعون ذكر المهتم بتاريخ الجزيرة العربية القديم سعود المسعد الشملاني ل«الوطن»، أنه في عام 1327ه «قبل 104 أعوام»، أصيب أهل نجد بمرض شبيه بوباء كورونا الحالي 2020، وهو وباء الطاعون، الذي كان يسمى آنذاك «بالوافدة الإسبانية»، ولم تعرف أسبابه، بيد أنهم يتوقعون أنه من الولاياتالمتحدةالأمريكية بسبب الخنازير، وقد أخفت أمريكا هذا المرض خوفا من انهيار اقتصادها، وألصقته بإسبانيا، موضحا أن أهل نجد، أطلقوا عليه «سنة الرحمة»، وانتشر مرض الطاعون في الأحساء والعراق والكويت آنذاك. وفاة 100 شخص يوميا يقول الشملاني: إن طريقة تشخيص المرض، تتمثل في تغير لون جسم الإنسان، فعندما يكون الجسم أصفر فهذه بداية المرض، ثم اللون الأحمر تعتبر الحالة المتوسطة للمرض، ثم اللون الأزرق الأشد خطورة وتعد حالة الموت لدى المريض، لافتاً إلى أن هذا المرض، حدث في عهد المؤسس الملك عبدالعزيز، فكان يقتل 100 شخص باليوم الواحد حيث يصيب الأطفال والنساء، مما جعل أهل نجد يتخذون عددا من التدابير البسيطة المتوفرة لديهم آنذاك، من بينها: الصلاة في بيوتهم، واتخذوا من أبواب بيوتهم نعوشا لحمل جثث موتاهم، بل وهجرت البيوت، وخلت المساجد، وتركت المواشي من غير رعاة أو سقاية، وأخذ المريض إلى خارج أسوار المدينة (بمسافة 4 إلى 5 كيلومترات)، كمكان لعزل المريض وذلك للحد من انتشار المرض بين أهل القرية، واستمر المرض في نجد 40 يوما. وباء الكوليرا استرجع الشملاني، مرض الكوليرا، الذي أصاب المنطقة الشرقية قبل 50 عاما، وقد تخطته المملكة، بفضل جهود الدولة، والتزام مواطني الشرقية بالخطوات لوقائية والعلاج، لينحصر ويختفي الوباء في منتصف شهر رمضان في تلك السنة، مشددا على أن الدولة السعودية، لا تعرف المستحيلات، وقادرة علي بلوغ بر الأمان من أي خطر يحدق فيها. عبر وحكم أوضح الشيخ حافظ العنزي ل«الوطن»، أن كل محنة تكمن في جوفها منحة وانفراجا، لقوله تعالى: «إن مع العسر يسرًا»، وقوله تعالى: «وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم»، ولنا في جائحة كورونا عبر وحكم، فالمملكة عملت بالأسباب، وأثبتت للعالم أن حقوق الإنسان بالأفعال قبل الأقوال، وأن حماية النفس البشرية مقدم على كل شيء، وبإجراءاتها، فندت مكائد الأعداء على مدار السنين للتشكيك في ثقة المواطن بوطنه وولاة أمره، فنسفت كل مكائدهم بفترة وجيزة، منوها إلى أن الشجاعة والحزم في سن القرارات من القيادة الرشيدة، وتطبيق الإجراءات من الجهات المختصة، والتقيُّد التام من المجتمع، سطر أروع الأمثلة في السمع والطاعة، واستبدل كثيرا من السلوكيات والأنماط الخاطئة التزاما بالإجراءات الاحترازية، مما يبث في النفس انشراحا وبهجة واطمئنانا، مشيرا إلى أن المملكة تعمل كمنظومة متكاملة في مواجهة الأخطار باحترافية عالية.