في الوقت الذي تعكف فيه الحكومة الانتقالية في السودان على تجاوز التركة الثقيلة لنظام البشير، شهدت الفترة الأخيرة تصعيدا خطيرا لأزمة الحدود بين السودان وإثيوبيا حتى بدا الأمر وكأن طبولاً للحرب تقرع بين الجارتين، بعد دفع الخرطوم بجيشه على الحدود وزيارة رئيس المجلس السيادي السوداني عبدالفتاح البرهان للمنطقة الملتهبة. وأعاد الجيش السوداني انتشاره بالمنطقة الحدودية المتنازع عليها والمعروفة بالفشقة للسيطرة على التوترات التي تحدث بالمنطقة من وقت لآخر، بعد أن صرف نظام البشير النظر عنها لاعتبارات سياسية، رغم معاناة السكان من الهجمات المتكررة التي تشنها عصابات نشطة على المنطقة الحدودية يعتقد كثيرون أنها مدعومة حكومياً. نشاط العصابات وطالب السودانيون في الفترة الأخيرة بضرورة حل هذه المشكلة مع زيادة نشاط العصابات بالمنطقة ومهاجمة سكان قرى الفشقة وإجبارهم على مغادرة بيوتهم وأراضيهم حتى اضطروا لإصدار بيان للتحذير من الظاهرة واضطرارهم للجوء للاحتشاد إذا لم تتدخل السلطات الحكومية بالسودان لحمايتهم بعد أن أصبح سكان المنطقة بين ناري العصابات والمزارعين الإثيوبيين. ويعود تاريخ الخلاف على منطقة الفشقة لعقود بعيدة، في المنطقة التي تتمتع بمزايا عديدة تجعلها دائما محل أطماع خارجية سيما في ظل غياب أمني حدودي لسنوات تعادل ربع قرن، فهي أرض خصبة تروى بأنهار عذبة، كما تنهال عليها مياه الأمطار في الخريف وتشتهر بإنتاج الصمغ العربي والقطن والذرة والسمسم بجانب الخضراوات والفواكه. تدارك الأزمة ورأى مراقبون أن حكمة القيادتين السودانية والإثيوبية في التعاطي مع الأزمة في إطار علاقات جوار بتعقل وهدوء، فضلاً عن أن تفهم الجانب الإثيوبي لاحتشاد الجيش السوداني على الحدود مع أديس أبابا أدى إلى الحيلولة دون تصعيد سوداني عسكري، وقبول المفاوضات لتسوية الخلاف بشكل ودي. الخلافات الحدودية ويقول مدير المركز العربي الإفريقي لثقافة السلام والديمقراطية بالسودان الدكتور محمد مصطفى، إن مشكلة الخلافات الحدودية بين السودان وإثيوبيا تمتد جذورها إلى خمسينيات القرن الماضي، عندما كان يتسلل المزارعون الإثيوبيون إلى أراضي مزارعين سودانيين وينتزعونها تحت تهديد السلاح». وأكد الدكتور مصطفى أن عدم جدية الإدارة الإثيوبية مع وجود تهاون وتراخ من الجانب السوداني، ينذر بكارثة حدودية متوقعة.