تحت عنوان "العصر الفضي للشعر الروسي" تتناول الباحثة اللبنانية زينات نصار تسعة من شعراء الحقبة التي عرفت باسم العهد الفضي في الشعر الروسي وعرفت بهم وقدمت نماذج من شعرهم. وقالت نصار "إن تسمية العصر الفضي لهذا الشعر تطلق.. كمصطلح أدبي على حقبة ازدهار الشعر والثقافة الروسية عموما الواقعة في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. وهي غالبا ما تشمل الشعراء الذين برزوا ما بين عام 1885-1925". الكتاب الصادر ببيروت عن دار نلسن في 364 صفحة متوسطة القطع وبلوحة غلاف للفنان الروسي لينتنوف، يوضح أن إطلاق تسمية "العصر الفضي" هو للتمايز عن حقبة "العصر الذهبي" للشعر الروسي، ويرمز إلى إبداع شعراء وأدباء كبار في القرن التاسع عشر أمثال ألكسندر بوشكين، وميخائيل ليرمنتوف، ونيكولاي فاسيفليفيتش جوجول، وفيودور ميخائيلوفتش دستيو فسكي، وليف نيكولايفتش تولستوي. وأطلق مؤرخو الأدب والفن الروسي تسمية "العصر الفضي" على مرحلة عبور الأدب الروسي من "العصر الذهبي" بمعطياته الفكرية والفنية الكلاسيكية نهاية القرن التاسع عشر إلى عصر جديد بمعطياته الحداثية وقيمها الفكرية والسياسية والاقتصادية". وأضافت الكاتبة أنه "في تلك الفترة لم يقف الشعر أمام التحولات التراجيدية الكبرى في المجتمع الروسي والأوروبي موقف المحايد أو المتفرج أو المنتظر لانقشاع غيوم التغيير بل ساهم الشعر والشعراء في قلب موازين القيم المتصارعة فكريا وفي خلق مناخ ثقافي جديد متصل بما يعتمل في قلب الثقافة الأوروبية من تحولات فنية – فكرية حداثية". وتابعت "من أهم خصائص العصر الفضي في الشعر الروسي التي ميزته عن العصر الذهبي كونه أدى إلى تغيير الواقع الأدبي الروسي وتغيير التشكيلات الاجتماعية والطبقية للأدباء الروس وتغيير الكاتب كشخصية معنوية. "أما الأبرز في هذا السياق فهو التغيير في الاتجاه الفني بما يقتضي المعطى الشكلاني الذي استحوذ على حركة الحداثة، آنذاك ظهرت تيارات متنوعة: جمعيات أدبية وفنية.. منتديات فكرية.. مجلات أدبية.. دور نشر متخصصة.. تعاضد في تبلورها الأدباء والفلاسفة والفنانون التشكيليون، وبات الشعر يومذاك ملعبا رحبا للموتيفات الفنية التشكيلية والصور الرمزية ذات التكوين الفني البصري. أصبح الشاعر كأنه يرسم بالحرف والكلمة والقافية وغدت القصائد لوحات فنية بصرية – سمعية مكتظة بالإيحاء والدلالة والتعبير. فنيا تعد حقبة العصر الفضي للشعر الروسي مرحلة النهضة اليافعة للثقافة الروسية في الأدب والفن التشكيلي والمسرح والموسيقى والرقص توطدت فيها أواصر التواصل بين الفنون والفنانين. وكان لحركة الانفتاح على الحداثة الأوروبية تأثير أساسي في نشوء وتبلور اللحمة بين الفنون في الثقافة الروسية في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر نتج عنها بروز الملامح المبكرة للرمزية في الشعر والفن التشكيلي. "وكان لترجمات شعراء الرمزية الأوروبية إلى اللغة الروسية وقتها دور رئيس في بزوغ فجر الرمزية الروسية التي استمالت الشعراء الشباب وألهبت فيهم شغف الإيحاء والرمز ولعبة التوارد الدلالي في الشكل والمضمون. في هذه الحقبة انشغل شعراء روسيا الشباب في البحث عن لغة شعرية معاصرة هي امتداد طبيعي لتطور لغة العصر الفنية". أما الشعراء الذين تناولتهم الكاتبة بدرس مكثف وبعرض حياتهم وتقديم قصائد من شعرهم ترجمتها إلى العربية فكانوا تسعة هم الكسندر بلوك، وفليمير خليبنكوف، وفيتشسلاف إيفانوف، وبوريس باسترناك، ونيقولاي جوميليوف، وأوسيب ماندلشتام، وآنا أخماتوفا، وفاليري بريوسف، ومارينا تسفيتايفا.