مرحلة الماجستير من أروع المراحل التي يمر بها الباحث في حياته العلمية، ولكن قد يعتريها بعض الكدر العلمي والنفسي والاجتماعي، فالباحث يعيش فيها متناقضات بحجم تلك الدرجة العلمية؛ يعيش التحدي وغلبة المواقف والفرح والحزن والمتعة والملل في ذات اللحظة. وبشيء من التأمل لواقعنا كباحثة، قسمنا المراحل التي مررنا بها وقد يمر بها أي باحث إلى خمس مراحل، لكل مرحلة مدة زمنية ومبرراتها التي تجاهر بها. مرحلة الإقبال والحماس: وتكون في الشهر الأول من المستوى الأول، هذا الإقبال والحماس من الباحث بسبب أن حُلمه تحقق وأنه سيعقد حلفاً مع العلم الجديد ولأنه يرغب التغيير وتجويد الأداء ويرغب في الحميمية الفكرية مع من هم أكثر نضجاً وطموحاً، ونقول لكل باحث سيمر بها «لا تطفئ حماسك». مرحلة الاضطراب المعرفي: وتكون في المستوى الأول وحتى بدايات المستوى الثاني، وهذا الاضطراب يحدث نتيجة وجود طرح مختلف يفوق ما لدى الباحث، ووجود نظريات وفلسفات وكم كبير من المعارف الجديدة، ووجود فجوة بين هذه الفلسفات والنظريات وبين ما نمارسه من عمليات ومواقف كثيرة في ميدان التعليم؛ فنقول للباحث إن مرّ بها «لا عليك، ستُصقل وتصبح أكثر معرفةً وعلماً». مرحلة الإشباع والاستقرار: وتكون في المستوى الثاني، حيث يبدأ الباحث بمجاراة الفكر النخبوي لأساتذته، وممارساته لعمليات العلم الأساسية والثانوية، ومحاكاته للمهارات التي يملكها من حوله، والأمر الأخير ممارساته المتقدمة من عروض احترافية وتبريرات منطقية وتبادل الآراء وتحليلها، وإعداد التقارير، وحضور المؤتمرات، بل تنظيمها، وتقديم أوراق عمل مميزة، كل ذلك يحدث داخل مقرر مميز لأستاذ أكثر تميزا؛ لذلك أيها الباحث استمتع فقط. مرحلة الفوضى البحثية: وتكون في بداية المستوى الثالث عندما يبدأ الباحث باختيار موضوعه في مقرر «حلقة بحث» فيشعر بفوضى في تفكيره، بسبب الطموح اللامتناهي والسقف الذي لاحد له، ورغباته المتداخلة وإنتاج الباحثين المتباين، وغياب الصورة البحثية الدقيقة عنه في بعض الأحيان، هنا نقول للباحث «لا عليك كن طموحا في أفكارك البحثية ولا تتنازل». مرحلة البلوغ البحثي: وتحدث بعد جهد كبير من الباحث، ودعم المشرفين وخبراء التخصص، والاطلاع على البحوث المميزة، ودعم المقررات البحثية، ونضج الفكرة البحثية وتمركز الباحث حولها، ونقول للباحث الذي سيمر بها «ستصل للنضج البحثي الذي تريد».