وسط عشوائية في تنظيم الحاويات، وهدر للوقت في البحث عنها، يواجه المخلصون الجمركيون في ميناء الرياض الجاف يومياً، تحديات تبدأ من تكدس البضائع ولا تنتهي عند تغريمهم من قبل الوكلاء. وفي مقابل تطمينات القائمين على الميناء، بعودة الانسيابية في الحركة، بعد تعاقد المقاول الجديد مع شركات عالمية لتعويض النقص في المشغلين التنفيذيين والمختصين بأنظمة الحاسب الآلي، كان للمخلصين الجمركيين رأي آخر، إذ أبدوا ل"الوطن"، تذمرهم من العشوائية القائمة في جعل حاويات المواد الغذائية بجوار مواد كيميائية، واستزاف الوقت في البحث عن الحاويات. وفي الوقت الذي طالب فيه المخلصون الجمركيون بسرعة النظر في تنظيم الميناء، أكدوا أنهم يواجهون خسائر مالية بفرض غرامات عليهم من قبل الوكلاء، في حين مازال انسحاب المقاول الأول دون أن يكمل مهمته في الوقوف إلى جانب المقاول الجديد لتسليمه العمل بالشكل المطلوب، يلقي بظلاله على حركة الميناء الجاف، وسط هدر للوقت يستغرق أكثر من أسبوع لإيجاد بعض الحاويات. "الوطن" زارت ميناء الرياض الجاف، ورصدت الحركة بداخله، وتذمر المخلصين الجمركيين حيال سوء تنظيم الميناء، حيث أوضح المخلص الجمركي خالد العامر أن البحث عن الحاويات يتم بمجهود شخصي وقد يستغرق وقتا طويلا بسبب العشوائية، مضيفاً أن رحلة البحث عن الحاويات تستغرق أحياناً أكثر من 3 أيام. فيما أكد المخلص جمركي بدر الحربي أن المتضرر من هذا التكدس والتأخر في معرفة مكان الحاوية، هم المخلصون أنفسهم، مبينا أن الوكلاء يغرمون المخلصين بسبب سوء التنظيم في الميناء، في حين أن البحث عن بعض الحاويات يستغرق أسبوعا كاملا.. وهي فعليا جاهزة للمعاينة، لكن لم يتم تحديث موقعها. أما العامر فأشار إلى وجود حاويات على قطار نقل البضائع المتوقف في ميناء الرياض الجاف على حالها منذ شهرين، مضيفاً أن وجود الشركة الجديدة لم يحرك ساكنا. وزاد: " من المفترض أن يبقى المقاول السابق بجانب الجديد لفترة كافية، حتى يتسنى للأخير الاستفادة من خبرة السابق". واستبعد العامر وجود أي بوادر من إدارة الميناء لحل هذه الأزمة، مضيفاً أن اللجنة الجمركية عملت ما ليس منوطا بها وفي كل الأحوال لم يتغير الوضع. وبالعودة إلى بدر الحربي قال إن التكدس قائم والمشكلة لم تحل، مطالباً بوجود نظام لتحديد مواقع الحاويات بشكل سريع ومنظم، مشيراً إلى خطورة يواجهها المخلصون عند البحث عن الحاويات تتمثل في عمل الرافعات مع غياب سبل السلامة. وبين الحربي أن المخلصين الجمركيين حاولوا إيصال بعض الملاحظات إلى إدارة الميناء للحد من هذه المشكلة، مبدياً أسفه من عدم جدوى كل ما سعوا إليه، مضيفا أن وجود حاويات المواد الغذائية بجانب المواد الكيميائية في صف واحد يعد أكبر مثال على سوء التنظيم. وطالب بضرورة وضع تصنيف لمواقع الحاويات، لافتا إلى وجود الحاويات ذات ال 40 قدما بجانب حاويات ال20 قدما، الأمر الذي يعكس إهمال المنظمين، وعدم التجاوب مع اقتراحات المخلصين وغيرهم. وذكر أن عدد المخلصين الجمركيين بدأ في التناقص لاستسلام الكثير من السابقين، لعدم تجاوب موظفي الميناء معهم، مضيفاً أن وقوف القطارات في ميناء الرياض كلف الكثير، حيث إنه كان يتم نقل ما يقارب 500 إلى 700 حاوية يوميا. وقال الحربي إنه في السابق كان المخلص يدفع أجور موانئ للتفريغ والتنزيل وبكل سهولة يجد حاويته، في حين أنه الآن هو من يبحث بمجهود شخصي فقط. وأضاف: "في حال وجدت الحاوية وتم نقلها إلى موقع المعاينة يتفاجأ بعض المخلصين في اليوم التالي بنقل الحاوية إلى مكان آخر، في مشهد يعيد نفسه لهذه الحاوية الضائعة بسبب التنظيم السيئ". إلى ذلك يرى الخبير الاقتصادي فضل البوعينين، أن ما يحدث في الميناء الجاف هو فوضى بكل ما تعنيه الكلمة ويدل دلالة تامة على أن لا وجود للإدارة الكفء القادرة على تسيير الميناء الجاف وفق المعايير العالمية. وأضاف البوعينين أن دخول شركة جديدة للميناء لا يعني انحدار الخدمات إلى هذا المستوى، مشيراً إلى أن تغيير شركات التشغيل بطريقة البتر من الواجب ألا يتم، مضيفا أنه ومن الواجب أيضا أن يكون هناك تدرج في التسليم والاستلام للوصول بالشركة الجديدة إلى المرحلة التي تعينها على أداء العمل وفق معايير الجودة. وقال البوعينين إن المشكلة لها انعكاسات سلبية على القطاع التجاري، وخسائر مالية سيتحملها التجار الذين يعانون كثيرا بسبب عدم قدرتهم على فتح بضائعهم في الوقت المحدد. ويرجع البوعينين المسؤولية فيما يحصل إلى إدارة ميناء الرياض الجاف بالدرجة الأولى، مضيفا أن نظام التشغيل في القطاع الحكومي يجب أن يعاد تنظيمه بما يكفل استمرارية الجودة، مرجحا السماح للكفاءات العمالية بالانتقال الاستثنائي من الشركة الأولى إلى الشركة الثانية لضمان عدم حدوث خلل في التشغيل والمناولة. وأشار إلى أن مشكلة ميناء الرياض الجاف أخذت زمنا طويلا دون أن تحل، وهذا خلل كبير يتحمله المسؤولون عن الميناء ويجب عليهم المبادرة لوقف هذا الخلل ومعالجة الوضع سريعا، مضيفا أن كل هذا سوف ينعكس سلبا على التجار والمستهلكين. يذكر أن تفاصيل الأزمة تعود إلى أن المقاول الجديد الذي تحالف مع عدة شركات، لم يتسن له استلام المشروع رسميا من المقاول السابق، وبناء على عقد المشروع، حيث إن إجراءات التسليم والاستلام الرسمية تتضمن بقاء العمالة المشغلة التابعة للمقاول السابق مع أحقية المقاول الجديد بنقل كامل العمالة للاستفادة من خبراتهم واستمرارية العمل كما يجب، وذلك وفقا لقرار مجلس الوزراء المنظم لعملية انتقال العمالة في المشاريع الحكومية.