يعاني أكثر من 25 ألف لاجئ سوري بينهم 15 ألف طفل بالتهديد بالطرد من مخيماتهم، في بلدة عرسال، بعد قرار صادر عن المجلس الأعلى للدفاع اللبناني بهدم خيم الإسمنت، بدءا من التاسع من يونيو الجاري، في وقت أطلقت فيه منظمات حقوقية تحذيراتها من هدم هذه المخيمات دون إيجاد البدائل، داعية إلى تأجيل تنفيذ القرار، حتى تستطيع العائلات اللاجئة تدبير أمورها، وعدم التشرد مرة ثانية. مخيمات الإسمنت حسب الإحصاءات يوجد في عرسال نحو 126 مخيما، يقطنها نحو 35 ألف لاجئ سوري، وهي كانت أول بلدة ظهر فيها ما يُعرف ب"مخيمات الإسمنت"، حيث أثارت جدلا بين اللبنانيين تخوفا من أن يتحول وجود اللاجئين السوريين إلى وجود دائم، كما حصل مع الفلسطينيين، ويدخل لبنان في أزمة سياسية خلافية تحت عنوان منع التوطين. بنيت في عرسال خيام بلاستيكية وخشبية في الداخل، وتحولت إلى منازل بعد أن أضيف إليها الحجر للحماية من الخارج، وهو أمر مخالف بحسب السلطات اللبنانية، التي ستعمل على تفكيك نحو 5000 وحدة مخالفة من دون تأمين بديل، وهو أمر يقلق المنظمات الدولية. غياب سياسة الدولة قال لقمان سليم الناشط السياسي والمدني مدير مؤسسة أمم للأبحاث والدراسات، التي اهتمت بتوثيق ما يتعلق بالحرب السورية وبوجه خاص اللاجئين في لبنان، في حديث ل"الوطن"، إن ما يحدث حاليا هو نتيجة طبيعية لغياب سياسة الدولة في ملف النازحين السوريين، وأن الساحة خالية أمام التيارات الشعبوية، التي تستقوي بطبيعة الحال بسياسات مفروضة بقوة الأمر الواقع أي تستغل الغلبة، التي يمارسها حزب الله على الدولة لحساباته. بيّن أن هناك تحركات تضر بسمعة اللبنانيين مثل إحراق خيم السوريين في دير الأحمر منذ أيام، بعد إشكال مع عناصر من الدفاع المدني، إضافة إلى اتخاذ قرار بإزالة مخيم كاريتاس بالكامل، بعد توتّر بين أهل المنطقة والسوريين، وذلك بعد سلسلة إجراءات بدأت تطال السوريين لترحيلهم. قرار هدم المخيم اعتبر لقمان سليم أن قرار هدم وحدات الإسمنت في مخيمات عرسال ليس مفاجئا، وهو محطة في مسار النزول إلى الهاوية للوصول إلى القعر، لافتا إلى وجود ثقافة معادية للاجئين تتغذى منذ سنوات، وتأتي بنتيجتها قرارات غير مدروسة فالمشكلة قائمة منذ زمن وليست مستجدة. ورأى الناشط السياسي أن الأمر متعلق بالعلاقات اللبنانية - السورية، التي يجب أن يتم التصارح فيها علنا، وتابع: فالسوري الذي هرب من نظام الأسد ليس نفسه الذي أرسله حافظ الأسد لاحتلال لبنان، وهذا أمر لا يفهمه العديد من اللبنانيين.. والدولة لم تبذل أي جهد لتصحيح هذه العلاقة"، لافتا إلى أن الحديث اليوم عن مخطط توطين السوريين من قبل البعض مؤشر يعني أن اللبنانيين لم يستفيدوا من دروس الحرب الأهلية، ومن تغذية العنصرية ضد السوريين، كما كانت ضد الفلسطينيين سابقا. صورة محفورة وبين أن مقولة أن "الخيمة" تتحول إلى مُنْشأة صلبة أي مسكن وآيلة للتوسع، هي إحدى الصور المحفورة في الذاكرة اللبنانية عن اللجوء الفلسطيني، وأن الحيلولةُ دون تهريب الإسمنت إلى المخيمات الفلسطينية لا يزال أحد شعارات التمسك اللبناني ب"رفض التوطين" وب"حق العودة". فهناك خلط على ألسنة اللبنانيين بين وصف هؤلاء ب"اللاجئين" أو ب"النازحين"، إلا أن القمة التي جمعت بين الرئيسين الروسي واللبناني ببيان سمى هؤلاء السوريين والسوريات ب"اللاجئين"، واعتبر أن حلّ هذه المشكلة يعتمد على تهيئة الظروف المواتية في سورية.