أعلنت المملكة على لسان وزير خارجيتها الأمير سعود الفيصل عن دعم اليمن بمبلغ 3.25 مليارات دولار خلال استضافتها للاجتماع الوزاري الثالث لمجموعة أصدقاء اليمن، في وقت أكد فيه الفيصل أن ما ناله اليمن من انتقال سلمي للسلطة هو الحافز لهذا الاجتماع بهدف إيجاد دور مستقبلي من الشراكة بين المجتمع الدولي وصنعاء لضمان سيادة اليمن على أراضيه واستقلاله وحماية وحدته. وشدد الفيصل خلال مخاطبته الدول المشاركة في مؤتمر أصدقاء اليمن الذي يختتم أعماله اليوم، أن الاستقرار الأمني هو مطلب أساسي للتنمية وتحسين أوضاع الشعب اليمني. وقلل الفيصل من شأن ما يثار حول تدخل المملكة بالشؤون الداخلية لليمن أو سعيها للإضرار بأمنه واستقراره، قائل "إن مثل هذا الطرح لا يتجاوز كونه (نكتة) ومثارا للضحك كون المملكة هي أكبر الدول المتضررة من عدم استقرار اليمن"، فيما تمنى ألا تتحقق مخاوف البعض من تحول اليمن إلى أفغانستان جديدة، معتبرا أن هذا "فأل سيئ". وأبان وزير الخارجية أن الدعم الذي قدمته المملكة لليمن في هذا المؤتمر، يأتي مساهمة منها في دعم المشاريع الإنمائية التي سيتم الاتفاق عليها من الجانب اليمني وفق الخطة الانتقالية المقدمة من الحكومة اليمنية لاجتماع أصدقاء اليمن، وتشمل دعم كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتنموية إلى جانب تمويل وضمان صادرات سعودية ووديعة في البنك المركزي اليمني، مؤكداً أن هذا المبلغ يقدم إعراباً على حرص المملكة على أمن واستقرار ونمو اليمن الشقيق. وبين وزير الخارجية السعودي خلال المؤتمر الوزاري لمجموعة أصدقاء اليمن الذي عقد أمس في الرياض أن الدعم الدولي خلال هذه الاجتماع يعمل على مكون الوحدة الوطنية في تقديم الخبرات الأمنية والعسكرية والاقتصادية، نافياً وجود فكرة لإنشاء قوة دولية للتدخل في دعم العمل العسكري والأمني في اليمن، مشددا على أن المحاور التي يعمل عليها المؤتمر لا تشمل المبالغ كما يحصل في مؤتمر المانحين لكنه يركز على 3 محاور هي الاقتصاد والأمن والجانب الاجتماعي. وكشف الفيصل أن وزراء الخارجية والداخلية والاقتصاد في الحكومة اليمنية قدموا تقارير لمندوبي الدول المشاركة في مؤتمر أصدقاء اليمن تتضمن مطالباً عادلة لضمان استقرار اليمن، موضحا أن المؤتمر القادم للدول المانحة الذي سيعقد الشهر المقبل بالرياض سيتضمن منحاً مالية لدعم اليمن، وأشار قائلا "هناك اهتمام عالمي في الشراكة مع اليمن في بناء مستقبله فلا محاسبة الآن على المبالغ التي يقدمونها خلال هذا الاجتماع لكن الاجتماع القادم هناك محاسبة". فيما تناول الفيصل الانتخابات المصرية مؤكدا أنها شأن داخلي تنظر لها السعودية بتمني أن تقدم الاستقرار للشعب المصري، وقال "إن المملكة تقف على مسافة واحدة من كل مرشحي الرئاسة المصرية". وعودة للشأن اليمني أكد الفيصل خلال كلمته الافتتاحية للاجتماع أنه يأتي امتداداً للاجتماعين السابقين، آملاً بخروج الاجتماع بنتائج ملموسة تتواكب مع مستوى الصعوبات والمخاطر والتحديات التي يمر بها الشعب اليمني الشقيق. وقدم الأمير سعود تعازي حكومة المملكة في الاعتداء الإرهابي ضد الضباط في عرض السبعين وقال "أود هنا أن أعبر عن صادق التعازي والمواساة للإخوة اليمنيين حكومة وشعباً لاستشهاد وإصابة عدد من رجال القوات المسلحة اليمنية في العملية الإرهابية التي ارتكبتها فئة مجرمة في ساحة السبعين في صنعاء يوم الاثنين الماضي، والتي لا يجب أن تزيدنا إلا إصراراً وعزماً على دعم اليمن، ومساعدته لمواجهة الإرهاب والتهديدات الأمنية". فيما قدم تهنئة الحكومة السعودية للشعب اليمني الشقيق بنجاح عملية الانتخابات الرئاسية المنعقدة في شهر فبراير الماضي، والتي دشنت المرحلة الانتقالية وفقاً للمبادرة الخليجية.. وقال الفيصل "إن الجمهورية اليمنية تواجه في الوقت الراهن وضعاً اقتصادياً وإنسانياً وسياسياً وأمنياً صعباً ومعقداً يضعها في أزمة اقتصادية وإنسانية غير مسبوقة، فخلال العام 2011 زادت حدة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية نتيجة تداعيات الأحداث الأخيرة التي شهدتها الساحة اليمنية، حيث أسهم ذلك في تراجع حاد للنشاط الاقتصادي وتوقف جزء كبير من البرنامج الاستثماري وكذلك تجميد المساعدات والمعونات من بعض المانحين، وبناء على ذلك قامت الحكومة اليمنية بإعداد برنامج مرحلي للاستقرار والتنمية للفترة 2012 2013 كخطة تنموية قصيرة الأجل بهدف استعادة الاستقرار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي". من جانبه ألقى رئيس وزراء اليمني محمد باسندوة كلمة أشاد فيها بأدوار ومقترحات سفراء الدول الأعضاء في مجموعة أصدقاء اليمن انطلاقاً من حرصهم على إنجاح أعمال الاجتماع، مؤكداً أنه بالرغم من المخاوف الشديدة التي انتابت الأشقاء والأصدقاء على اليمن من الانزلاق نحو حرب أهلية والسير نحو المجهول فقد أمكن تحاشي ذلك بفضل عوامل داخلية وخارجية ساهمت في ضبط مسار إيقاع الأوضاع ومنعها من الانفلات كلياً؛ نتيجة محاصرة نوازع القمع والحد من الإمعان في ممارسة العنف، حيث جاءت مبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربي لتوفر حلاً يضمن أقصى الممكن وأدنى المطلوب من حيث تلبيتها لمطالب التغيير والإصلاح ونقل السلطة بصورة سلمية عبر انتخابات رئاسية مبكرة، فيما أسهم الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر بعدئذ في مساعدتنا في صياغة الآلية التنفيذية المزمنة لتلك المبادرة. وأضاف قائلا "بقدر ما يشعر اليمنيون بالارتياح لما توصلت إليه القوى السياسية الموقعة على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة من اتفاق، وبقدر ما يثمنون للمجتمع الدولي دعمه لهذا الاتفاق فإن اليمنيين يستشعرون بأنهم مطالبون بترجمة هذا الاتفاق على أرض الواقع بما في ذلك التنفيذ الحثيث لإجراءات نقل السلطة كلياً بطريقة سلمية إلى الشرعية الجديدة التي يقف على رأسها الرئيس المنتخب عبدربه منصور هادي وحكومة الوفاق الوطني، غير أن ثمة عراقيل مفتعلة لا زالت تعترض طريقهم". وحول مواجهة الإرهاب قال رئيس الوزراء اليمني "لقد واجهت اليمن في الأشهر الأخيرة تزايداً خطيراً في الأنشطة الإرهابية لما يسمى بأنصار الشريعة ومما زاد من خطورة هذه الأنشطة الانقسام الحاصل في وحدات القوات المسلحة والأجهزة الأمنية وعدم خضوعها لقيادة موحدة وبروز محاولات لإعاقة الإجراءات والتعيينات العسكرية والأمنية الصادرة عن رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، غير أن هذا التزايد الخطير للنشاط الإرهابي آخذ في الانحسار جراء المواجهات التي تخوضها العديد من الوحدات العسكرية ولجان المقاومة الشعبية التي انخرط في سلكها المواطنون، وقد بدأت هذه المواجهات تؤتي أكلها بفعل الإرادة السياسية الوطنية الصادقة والجادة لمكافحة الإرهاب والقضاء عليه". وتشارك في الاجتماع الوزاري الثالث لمجموعة أصدقاء اليمن المنعقد في الرياض ليومين، دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الأردن، مصر، الجزائر، ماليزيا، الصين الشعبية، ألمانيا، فرنسا، الدنمرك، الهند، الولاياتالمتحدة، اليابان، تركيا، اسبانيا، البرازيل، المملكة المتحدة، روسيا، كوريا، أستراليا، هولندا، إيطاليا، إندونيسيا والمنظمات الدولية الرئيسية.