نظم نادي الهامش القصصي بمدينة زاكورة مؤخرا، وعلى مدى يومين الإصدار الرابع للخيمة الشعرية، التي افتتحت بأمسية شعرية مسائية احتضنتها رياض حدائق زاكورة، التي أعادت الشعر إلى منابعه الأولى، انطلاقا من الديكور الذي أثتته الخيمة والنخيل وكؤوس الشاي الصحراوي. هذا وقد أسهم في هذه الأمسية مجموعة من الشعراء قدموا من جهات مختلفة من المغرب، وهم: إسماعيل هموني، وعبد الحكيم آيت تكنيوين، وعبد الرحيم إيويري، وحليمة الإسماعيلي، ورشيد العلوي، والمصطفى فرحات، ومحمد لمرابط، ثم الشاعران المعتمد الخراز (جائزة محمد الشيخي للشعراء الشباب) ومحمد العناز(جائزة القناة الثانية للإبداع الأدبي، وجائزة طنجة الشاعرة) اللذان قدما من أقصى شمال المغرب، وكانا ضيفان على الخيمة. وقد تألق الدكتور عبد العاطي الزياني في إدارة هذه الأمسية بلمسته الحداثية، مما زاد اللقاء جمالا وبهاء، خاصة مع حضور ثلة من المثقفين والطلبة والسياح الذين تفاعلوا مع القصائد التي صدحت في تخوم الصحراء. أما اليوم الثاني فقد احتضنت قاعة بلدية زاكورة ندوة نقدية في موضوع"الشعر والبلاغة"، والتي افتتحت بمداخلة للأستاذ عبد الرحمان المتقي وسمها ب"البلاغة والنص الأدبي"، اكتفى فيها بإثارة جملة من القضايا التي ترتبط بالبلاغة والتراث العربي، وسؤال القراءة، والبلاغة وقراءة الشعر الحديث..، وتناول الدكتور عباس ارحيلة في مداخلته موضوع"بلاغة الهامش القصصي عند الجاحظ" مؤكدا ضرورة حضور الجاحظ اليوم، منطلقا في عرضه من مجموعة من النصوص القصصية التي أوردها الجاحظ في تراثه، مفككا ومحللا إياها، كما أشار إلى ظاهرة التصوير والتخييل بوصفها جوهرية في الحضارة الإنسانية، مضيفا أنه لولا الخيال لما تقدم الغرب. أما الدكتور علي المتقي فقد قدم مداخلة بعنوان"بلاغة القصيدة الحداثية" نافيا أن تكون البلاغة مجموعة قواعد وإنما هي لغة واصفة، مميزا بين مفهوم الشعر قديما الذي ارتبط بالتعبير عن الصور النمطية، وبين مفهوم الشعر في العصر الحديث الذي ارتبط بالتعبير عن التجربة الفردية، الشيء الذي جعل البلاغة القديمة غير قادرة على مقاربة النص الشعري الحديث، ومن ثمة كانت الضرورة إلى بلاغة تروم بناء المعنى الموجود في النص بدل البحث عن معنى قائم فيه، بعد هذا المدخل النظري انتقل الباحث إلى تحليل قصيدة" فارس الكلمات الغريبة" لأدونيس، لينتهي بعد تحليل دقيق وعميق إلى أن هذه القصيدة تعود إلى أصل واحد هو البناء والهدم. في حين انصبت مداخلة الدكتور أحمد قادم المعنونة ب"حجاجية القول الشعري" على مفهوم الحجاج الذي يقصد به كل ما دُوفع به الخصم من أجل الإقناع ما عدا العنف، كما ميز بين الإقناع الشعري والإقناع الخطابي. ثم انتهى إلى أهمية الإلقاء في عملية الإقناع. واختتمت الجلسة النقدية بمداخلة الأستاذ اسماعيل هموني" في تلقي الشعر من سؤال البلاغة إلى الأثر الجمالي"، ممهدا بمجموعة من الأسئلة من قبيل هل الشعر في حاجة إلى رديف للبلاغة؟ معرفا أن الشعر نفسه قراءة محايثة للقراءة النقدية، وأن اللغة فيه تخلد إلى التذكر بقدر ما تخلد في النسيان، فالشعر كائن الآفاق البعيدة، وحقيقته تنبع من الخيال، هذا اللون الجمالي هو ما اعتبره الباحث بداية لفهم الشعر، منتهيا إلى أن الوعي بالخصوصية هو ما يشكل البلاغة. هذا وقد أثارت هذه المداخلات نقاشات عميقة حول البلاغة الرحبة ومفهوم بلاغة الهامش القصصي، وغيرها من القضايا الشعرية..أما الكلمة الختامية التي قرأها الأستاذ محمد زيان عضو نادي الهامش القصصي التي أعلن فيها النتائج النهائية للمسابقة الشعرية الخاصة بالتلاميذ، موجها الشكر والتقدير للشعراء والنقاد الذين تكبدوا عناء السفر لإنجاح فعاليات الإصدار الرابع للخيمة الشعرية.