نشر معهد "واشنطن لدراسات الشرق الأدنى"، الخميس الماضي، تقريرا يشير إلى أن العلاقة بين إيران الشيعية و"الإخوان المسلمين" السنية من شأنها زيادة النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، وأن يكون لطهران كلمة نافذة في الدول العربية . وقال مهدي خلجي، الزميل الزائر بالمعهد، إنه على الرغم من غياب علاقات تنظيمية قوية بين جماعة "الإخوان" في مصر وطهران، إلا أنه كان للجماعة دور في إعادة بعث الروح الإسلامية في طهران قبل قيام "الثورة الإسلامية" في عام 1997، وأشار إلى التعاون بين أقطاب الجماعة في مصر وأقطاب الشيعة "الأصوليين" في طهران، لافتا إلى دور رجل الدين الإيراني مجتبي نواب صفوي (1924-1955). ووفق ما نقل "تقرير واشنطن" عن الباحث، فإن صفوي سعى إلى ربط "الشيعة الأصوليين" بالحركات "الإسلامية الأصولية" في البلدان الأخرى، ولبى دعوة سيد قطب، مُنظِّر جماعة "الإخوان" لزيارة مصر والأردن عام 1954 للقاء زعمائها، وأصبح تحت تأثير الجماعة أكثر اهتمامًا بالقضية الفلسطينية، وبدأ بعد عودته إلى إيران حملته لتدعيم فلسطين، فجمع ما يقرب من خمسة آلاف متطوع للانتشار في الأراضي الفلسطينية لمحاربة اليهود. وأشار كذلك إلى قيام المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية علي خامنئي قبل قيام "الثورة الإسلامية" في إيران في عام 1979، بترجمة كتابين لسيد قطب الأول تحت عنوان "مستقبل هذا الدين" والثاني "الإسلام ومشكلات الحضارة". وعن رؤية "الإخوان" ل "الثورة الإسلامية"، يقول خلجي: "إن الجماعة في بداية الأمر رحبت بالثورة الإسلامية التي قادها آية الله الخميني، التي منحت الإخوان الثقة بأنهم قادرون على قلب "النظام العلماني" المصري في ذلك الوقت، لكن بعد اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات عام 1981 على أيدي الراديكاليين الإسلاميين اضطر الإخوان إلى اتخاذ موقف حذر من الجمهورية الإسلامية الإيرانية على الأقل في العلن". وأبرز الباحث تصريح عمر التلمساني، المرشد الثالث لجماعة "الإخوان" لصحيفة "المصور" في يناير 1982: قال فيه "نحن ندعم الخميني سياسيًّا، لأن شعبًا مظلومًا قد تمكن من التخلص من استبداد الحاكم واستعادة حريتهم، ولكن من وجهة النظر الفقهية، السنة شيء والشيعة شيء آخر". ويقول خلجي إن الجماعة استمرت في انتقاد الخلافات الطائفية بين المسلمين، بحجة أن الوحدة ضرورية من أجل الجهاد ضد الحكام الفاسدين والغرب، وفي عام 1985 كتب التلمساني في مجلة "الدعوة" المصرية، "إن الاتصالات بين الإخوان ورجال الدين الإيرانيين ليس الهدف منها دفع الشيعة لاعتناق المذهب السني، ولكن الهدف الأساسي من ورائها الامتثال لمهمة الإسلام لتلاقي المذاهب الإسلامية إلى أقصى حد ممكن". ويذهب الباحث إلى أن هناك مراحل تعاونت فيها جماعة "الإخوان" مع طهران بشكل أكثر صراحة، مشيرًا إلى أنه في عام 1988 على سبيل المثال، بعد انتهاء الحرب الإيرانية العراقية، وبناء على طلب من أحد قيادات الجماعة الشيخ محمد الغزالي وافقت إيران من جانب واحد على إطلاق سراح الأسرى المصريين الذين قاتلوا إلى جانب الجيش العراقي ضد إيران. ومؤخرًا، قال المرشد الحالي للجماعة مهدي عاكف في حوار مع وكالة الأنباء الإيرانية "مهر": "إن الإخوان المسلمين تؤيد مفاهيم وأفكار مؤسس الجمهورية الإسلامية"، وأضاف "أفكار الخميني لاسيما تجاه القضية الفلسطينية، هو استمرار لتوجه الجماعة لمحاربة الاحتلال"، بحسب ما نُسب إليه. ويخلص خلجي إلى أنه في الوقت الذي لم يتضح فيه الانفراج في العلاقات بين "الإخوان" وطهران، فإن عواقب مثل هذه العلاقات ستكون مضرة للمصالح والوجود الأمريكي في المنطقة، وأن إيران مازالت تركز على توسيع نفوذها داخل وخارج منطقة الخليج العربي، وأن يكون لها علاقات قوية مع قوى الممانعة وأحزاب المعارضة داخل المنطقة والذي من شأنه تعزيز مكانة ودور إيران التأثيري في المنطقة، لذا يدعو الكاتب الإدارة الأمريكية إلى الاهتمام بهذه القضية. وتحدث الباحث عن موجات التشيع في مصر والمنطقة خلال السنوات الأخيرة، التي قال إنها أثارت حفيظة الحكومة المصرية، ونقل في هذا الإطار تصريحًا للرئيس حسني مبارك يعبر عن مدى القلق المصري من شيعية داخل مصر وخارجها، فضلاً عن الحملات الإعلامية ضد رموز الشيعة والتشيع. ففي نوفمبر 2005، قال مبارك: "إن معظم الشيعة موالون لإيران وليس لحكوماتهم"، وهو ما أثار غضب كثيرٍ من الشيعة فخرجوا في مظاهرات بالآلاف في النجف المدينة المقدسة لدى الشيعة بالعراق مما دفع الرئيس المصري إلى تفسير تصريحه قائلا: "إنه كان يعني أن تتعاطف الشيعة مع إيران في النواحي الدينية وليس في وجهات النظر السياسية". كما نقل خلجي تصريحات للعلامة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي حذر أكثر من مرة من الأنشطة التبشيرية من الشيعة والحكومة الإيرانية خاصة في مصر، وقال في إحداها "إن تزايد تسلل المذهب الشيعي لمصر ينذر بحرب أهلية مثل التي يشهدها العراق". ولفت الباحث إلى أن الحكومة المصرية تبذل جهودًا لتعبئة رجال الدين ورجال من الأزهر الشريف ضد جماعة "الإخوان المسلمين" لمواجهة المد الشيعي في مصر. الوكاد : نقلا عن (المصريون بتصرف )