عندما يعمل أي زعيم أو رئيس لدولة ما لصالح بلاده ولا يطيع الأوامر الأمريكية أساساً أو الغربية بشكل عام أو لا يتماشى معها عندئذ يكون اتهامه من قبل هؤلاء بأنه إمّا غير ديمقراطي تجاه شعبه أو أنه يهدد المصالح الغربية وفي الوصف الأشد معادي للغرب ، ثم يبدأون بحياكة مؤامرة للتخلّص من نظام حكمه بغضّ النظر عمّا سيلحق ببلاده وشعبه من أضرار ومآسي ولكن عندما يكون مطيعاً لتعليماتهم كما منفّذاً لرغباتهم ومصالحهم بغضّ النظر عمّا سيلحق ذلك من من خسائر وأضرار نتيجة ذلك عندئذ يكون وصفه بالزعيم أو الرئيس الديمقراطي التقدمي المنفتح وهذا ما فعلوه مع الرئيس جورباتشوف حيث وجدوا فيه ضالّتهم فهو لم يكن من طراز قادة الإتحاد السوڤيتي الكبار وهو قد جاء إلى الحكم بعدما ترهّل نظام حكم السوفييت وفوجئ بأوضاع بلاده الصعبة سواء في مجال السياسة الداخلية وفي مجال تقلّص النفوذ السوفيتي في الخارج بسبب أوضاع الإقتصاد الداخلية وتبعات التدخل في أفغانستان وفي أثيوبيا كما في أنجولا وما نتج عن ذلك من تململ في أوساط شباب الإتحاد السوڤيتي وما كانوا يتابعونه من بث دعائي غربي مكثف في جميع وسائل الدعاية المتاحة آنذاك ، يضاف لذلك ما أتيح له فجأة من سلطة كبيرة ومن وسائل الراحة والإنفاق وهي من الامور التي أثرت على التفكير الذاتي له تجاه مسائل لم تكن بحسبانه . أمّا صعود نجم زوجته (رايسا) التي كانت زميلته في الجامعة وهي ذات شخصية طاغية بذكائها من جهة ومن حيث أنها كانت متقدمة علمياً عليه فأصبح تأثيرها على تصرفاته بل على قراراته كبيراً جداً بحيث لم تصبح مصلحة البلاد همه الوحيد لكن أصبح حب الظهور والشهرة هما من العوامل التي تتكحم بتصرفاته ، واستغلت الدول الغربية لاسيما بريطانيا ممثلة برئيسة وزرائها المحنّكة (تاتشر) ثم أمريكي من قبل رئيسها الممثل السابق (ريجان) هذين العاملين إضافة للتأثير الكبير الذي كان لزوجته عليه فقامت دول الغرب (بريطانياوأمريكا أساساً) وبذكاء باستغلال كل ذلك فبدأت بإظهاره على صفحات صحفها ومجلاتها واصفة إيّاه بالمصلح المنتظر لبلاده وأخذت تتحدث عن زوجته وتصفها بأفضل الأوصاف ثم بدأت تلك الدول بتقديم الدعوات لهما لزيارة بريطانيا بل والسلام على ملكتها وظهور (رايسا) بجانبه وهي ترتدي أغلى الملابس بما فيها معاطف الفرو التي قد تكلف الآلاف من الدولارات وهو أمر كان من المستحيل أن يحدث في عصر كبار الزعماء السوڤييت في السابق حيث لم تكن زوجاتهم يظهرن في المناسبات العامة الداخلية إلّا نادراً ولم يحدث أن اصطحب زعماء الإتحاد السوڤيتي أبداً زوجاتهم في أية زيارة إلى دولة أخرى ناهيك عن الدول الغربية وبالتالي لم ير أحد فيما سبق قد رأى مثل تلك الملابس الباهظة التي ارتدها زوجة جورباتشوف أو ارتداها هو ولو بشكل أقل . أمّا مانتج عن كل ذلك فكان يتمثل في تنازل جورباتشوف عن عدد من مصالح بلاده إرضاءً للغرب وبشكل خاص أمريكا ومنها الإتفاقات التي عقدها مع أمريكا فيما يتعلق بالإستراتيجية النووية وفيها التخلص من حجم كبير من منظومات الأسلحة البرية والجوية والبحرية وبشكل خاص تلك التي تحمل الصواريخ العابرة للقارات سواء في الغواصات أو الصواريخ التي تسمّى بالشيطان (SS18) وغيرها من الأسلحة التي كان الإتحاد السوفيتي يتفوق بها على أمريكا يضاف كل لذلك السماح للأمريكان بموجب الإتفاق القيام بعمليات التفتيش في الإتحاد السوڤيتي للتأكد من التزامه بالإتفاق وهو ما عارضه كبار قادة الجيش السوڤييتي دون نتيجة وعندما حاولت بعض قيادات الدولة في الاتحاد السوڤيتي القيام بانقلاب علي جورباتشوف وفشلوا لكن جورباتشوف قد جرت إزاحته عن السلطة وتسلّم (يلتسن) السكّير) زمان قيادة البلاد لكنه ما لبث أن أعلن إنهاء الإتحاد السوڤيتي واستقلال جميع جمهورياته الخمس عشرة وهو مالم يكن الغرب يحلم به . عندما توفي (يلتسن) وتسلّم (پوتين) وهو كان رئيس وزراءه جاء وهو يشاهد ما قد حدث لبلاده من تفكك وضعف شديدين ومن تسلط فئات معينة لاسيما اليهود وبمساندة ودعم من أمريكا ومن دول الغرب على ثروات البلاد دون وجه حق بدأ مسيرته الطويلة التي كان أول أهدافها إعادة التماسك للبلاد ثم إصلاح ماقد جرى من انهدام وهدم في كل مجال من مجالات الحياة في روسيا والمسيرة التي بدأها (پوتين) لإعادة أمجاد روسيا ومازال معروفة ولا داعي لذكرها . عندما توفي (يلتسن) وتسلّم (پوتين) زمام السلطة في روسيا وأعلن عن أول انتخابات في روسيا قام (جورباتشوف) بترشيح نفسه رئيساً لروسيا ضمن عدد من المرشحين وفي مقدمتهم (پوتين) وبعد ظهور النتائج ظهر أن (جورباتشوف) حصل على ما يقارب (خمسة بالألف) من حجم ممن أدلوا بأصواتهم مما يدل على تحميل الشعب الروسي ما وصلت إليه حالة بلادهم من ضعف وبؤس . هذه نبذة عن (جورباتشوف) الذي من يمتدحه هو الغرب أمّا الذين شهدوا ما قد فعل ببلادهم وأوصلها هو و(يلتسن) إلى ذلك الحال المذل فلا يتذكرونه سوى كيف جر الإطاحة باحدى القوتين الاعظم بسبب رعونته وسوء تصرفه بل واتهموه أنه خائن لبلاده . . (03/09/2022) لواء ركن متقاعد