بتهجت الساحة الثقافية بإطلاق "جائزة غازي القصيبي" - رحمه الله - في جامعة اليمامة في الرياض قبل أيام. والجائزة هي إحدى مبادرات كرسي غازي القصيبي في تلك الجامعة. ولم يكن الدكتور غازي القصيبي وزيرا مميزا، ورجل دولة مخلصا فقط، أو شاعرا مرهف الإحساس، أو كاتبا بليغ الكلمة ومؤثرا في الرأي العام، أو روائيا رائعا فقط؛ بل كان أيضا إنسانا بكل معاني الكلمة، تروى عنه قصص إنسانية كثيرة وأعمال تطوعية متنوعة يرغب دائما أن تكون بعيدة عن الإعلام. لقد أبهر القصيبي المفكرين والمثقفين وعامة الناس بتعدد مواهبه وإمكاناته، إلى جانب بروز إنسانيته وتواضعه. فهو لم يكن وزيرا عاديا؛ بل كان مبدعا ومخلصا وحريصا على التواصل مع الناس ومهتما بشؤونهم، إلى جانب حرصه على التواصل مع موظفي وزارته أو المؤسسة التي يعمل فيها. لذلك ليس غريبا أن يطلق عليه الرجل الاستثنائي. ولا بد لنا أن نفخر كثيرا بهذا البلد المعطاء الذي يكرم المبدعين محليا وإقليميا ودوليا، من خلال المنح البحثية والجوائز العلمية والثقافية، بدءا بجائزة الملك عبدالعزيز للكتاب، فجائزة الملك فيصل العالمية، وجائزة الملك خالد، وجائزة الملك عبدالله للترجمة، وجائزة الملك سلمان لأبحاث الإعاقة، وجائزة ومنحة الملك سلمان لتاريخ الجزيرة العربية، وجائزة الملك سلمان للإدارة المحلية العربية، وغيرها. على أي حال، تهدف جائزة غازي القصيبي؛ إلى تكريم المتميزين من الأفراد والمنظمات ممن أبدعوا في مجالات الثقافة وأسهموا في التنمية وخدمة المجتمع، وذلك تقديرا لأعمالهم وإنجازاتهم من جهة، وتحفيزا وتشجيعا لغيرهم على طريق الإبداع والعطاء. وتتكون الجائزة من ثلاثة فروع رئيسة مع تخصيص مسارات محددة ومتغيرة مع كل دورة، وستكون المسارات في الدورة الأولى على النحو التالي: فرع الأدب (مسار السيرة الذاتية)، وفرع الإدارة والتنمية (مسار النتاجات والإنجازات للجهات الحكومية والأهلية وغير الربحية في إدارة الأزمات)، وفرع التطوع (مسار المبادرات والأعمال التطوعية المنفذة في مجال التطوع). ورغم الجهد الكبير لرسم هوية متميزة ومختلفة عن الجوائز الأخرى، وفي الوقت نفسه متناغمة مع شخصية غازي القصيبي وإسهاماته واهتماماته في الحياة، فإن الفروع قليلة نوعا ما. أتمنى أن تقتصر الجائزة على الأفراد، أي تمنح للأفراد وليس للجهات والمنظمات، لأن مجال المنظمات واسع وتقييم مبادراتها وإنجازاتها وفق معايير معينة لا يخلو من تحديات كبيرة، قد يرهق الجائزة في دوراتها الأولى ويتطلب لجانا علمية كثيرة. ومن منطلق إنسانية غازي القصيبي البارزة في شخصيته التي تنعكس في نشاطاته وجهوده، أقترح فرعا جديد لذوي الاحتياجات الخاصة، فمرة تكون الجائزة في مسار الرسم والفن التشكيلي، وأخرى في مجال الفنون الأخرى. ونظرا لخلو الجائزة من أي فرع يهتم بالدراسات والتنمية، ومن منطلق اهتمام غازي القصيبي بالتنمية وإسهامها الفاعل في تحقيق أهدافها من خلال عمله في مناصب متعددة ومحاضراته حولها، أقترح إضافة فرع جديد يختص بالدراسات التنموية في المجتمع السعودي، ويختص بالبحوث والدراسات في مجالات، مثل: الاقتصاد والاجتماع والجغرافيا البشرية، والدراسات السكانية والتنموية. ولا يقل ذلك أهمية عما سبق، ضرورة تأمين موارد مالية مستقرة للجائزة، لضمان استدامتها واستمرارها، بإذن الله، إما من خلال استثمار معين يخصص لها، أو وقف خاص بالجائزة. وأخيرا أدعو للجائزة والقائمين عليها بالتوفيق والسداد في تحقيق ما يضمن استمرار أعمال القصيبي في خدمة المجتمع السعودي. نقلا عن الاقتصادية