تُعدّ الكتابة عن واقع وتأثير مواقع ووسائل التواصل الاجتماعي في حياة الإنسان، مادة دسمة وجاذبة لكل الكتاب والمثقفين والإعلاميين والمتخصصين؛ لأنها أصبحت جزءاً لا يتجزأ من تفاصيل كل مجتمعات وشعوب ودول العالم، فهي الآن تُهيمن وتُوجه السلوك والمزاج الجمعي، بل وتؤثر في الفكر والرأي العالمي. نعم، الكتابة عن شبكات ومنصات التواصل الاجتماعي هي الأكثر رواجاً وتموّجاً، ولكنها رغم كل ذلك الزخم الهائل من الكتابات والمقاربات، إلا أنها لم تُلامس العديد من المحاور والقضايا الشائكة والعالقة التي لها ارتباطات وثيقة بهذه المنابر الاجتماعية المؤنسنة، ولعلّ أحد تلك المحاور هو حقيقة التشابه أو الاختلاف بين مواقع التواصل الاجتماعي من جهة وبين المستخدمين والمدمنين لها، أو يمكن صياغة هذه الإشكالية المعقدة في جسد هذا السؤال المهم: هل تعكس منصات وشبكات التواصل الاجتماعي كتويتر وسناب شات وإنستغرام واقع المجتمع الذي تتمظهر وتتكثف فيه؟ مواقع التواصل الاجتماعي تُمثّل الآن، بل منذ عقدين تقريباً، الأسلوب الحديث للحياة والنمط العصري لحركة الأفراد والمكونات في كل مجتمعات وشعوب العالم النامية والمتقدمة، شبكات التواصل الاجتماعي هي الشرفة الكبيرة والعالية التي تطل منها وإليها الأفكار والآراء والمعارف والآداب والفنون والثقافات، وهي الآن من تقود وتتحكم في حركة ونهضة المجتمعات والشعوب في كل العالم. الأرقام والإحصائيات والنسب الفلكية لعدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في كل أنحاء العالم، صادمة ومرعبة وتؤكد بما لا يدعو للشك بأن هذه الوسائل والوسائط الاجتماعية والإنترنت بشكل عام هي الشغل الشاغل لكل البشر بمختلف أشكالهم ومستوياتهم، خاصة الأطفال والشباب الذين يستخدمون هذه المنصات والتطبيقات بشراهة وإدمان. هناك أكثر من 5 مليارات من سكان العالم الذي بات قريباً من ال 8 مليارات نسمة يستخدمون الإنترنت وخاصة مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي، والأمر في ازدياد لحظي. وفي المجتمع السعودي الذي يُعدّ من أكثر المجتمعات ولعاً وشغفاً بهذه المنصات والشبكات الاجتماعية، يستخدمها 70 % من السكان أغلبيتهم الساحقة من الأطفال والشباب، ولمدة تصل لثلاث ساعات في اليوم. ويتصدر اليوتيوب التطبيقات والشبكات الاجتماعية الأكثر زيارة في المجتمع السعودي بأرقام ونسب قياسية وفلكية، ثم تأتي بقية المنصات كتويتر والواتساب وسناب شات وإنستغرام. ويبدو أن تنميط وتوصيف هذه الوسائل والوسائط الاجتماعية بالواقع الافتراضي، لم يعد مقبولاً وآن له أن يتغير ويتجدد، فقد أصبحت هذه المنصات والشبكات الآن، ذات تأثير في تُشكّل الواقع الحقيقي الذي نعيشه بكل تفاصيله الصغيرة والكبيرة. ويبقى السؤال/العنوان أعلاه والذي يبحث عن إجابات شفافة وجريئة: هل تعكس مواقع التواصل الاجتماعي واقع المجتمع؟ نقلا عن الرياض