سعدت بحضور حفل نادي أبها الأدبي لتكريم الشاعر الألمعي علي عبدالله مهدي الألمعي، وكان التكريم برعاية الأمير تركي بن طلال أمير منطقة عسير، وتربطني بأبي أفنان علاقة فكرية متجددة وصداقة متمددة. أهداني ديوانه "قلب ووطن" الذي طبعه النادي بعد أن وثقت أفنان بنت علي مهدي ما تناثر من شعر أبيها، فكان هذا براً بوالدها ووقفاً مثمراً إن شاء الله. استوقفني الإهداء البديع من الأب لابنته حين كان الافتتاح مقدمة الديوان إفصاحاً عن عطف الأبوة: الشعر مملكة، ومملكة الشعر هي ابنتي أفنان، بشاعريتها المتميزة، وذائقتها الرائعة، جمعت الأشتات المتناثرة، وهذبت ورتبت هذه المجموعة الشعرية، فإليها أهديها.. والبنت هي حبة القلب والبصر والضياء عند الأب والأم، وربما تفوق الأب في نبض الوالدية. وأذكر من بضع سنين قرأت قصيدة من الشعر العامي - النبطي، كان عنوانها "غادرتنا حسناء" يتوجد فيها ناظمها على لوعة فراق ابنته ليلة بناء زوجها بها، وكم كان كمُّ الحزن في تلك القصيدة، وهنا كان للشاعر الألمعي بوح ونوح حين كان الفرح بزواج أفنان ورحيلها لبيت بعلها، فأنشد قصيدة أسماها ريحانة الشعر، وجاء فيها: استودع الله فجرا ودع السكنا استودع الله بدرا أينما سكنا استودع الله قلبا هاج ما سكنا والريح تهزأ من قلبي إذا سكنا استودع الله وجها مشرقا حسنا استودع الله حسنا وافق الحسنا استودع الله عهدا كان يجمعنا استودع الله من بالصمت ودعنا وخيم الحزن واهتزت مشاعرنا اين الكلام واين الشعر اين انا بنيتى كل اوراقي مبعثرة ماذا الملم منها والرحيل دنا مخلوقة انت من روحي ومن بدني لكنك اليوم روحا فارقت بدنا ثم يبوح الشاعر بكثير من المشاعر من بعلته وبنيه بحزنهم في فرح البنت أفنان، ثم يسمي أفنان بأنها ريحانة الشعر: وانت انسان عين انت مؤنسة ريحانة الشعر إن العطر كان هنا هنا الدفاتر والاقلام شاخصة هنا المساطر الحاظ تلاحقنا وذاك دولابها بالوجد مكتنزا وتلك مرآتها مملؤة شجنا ونحن نسمعها في كل ناطقة وكل صامتة ثغر يحدثنا زوجن مبتسما، فارقت مبتسما ومن يزوج يوما يدفع الثمنا شريعة الله اولى من مشاعرنا وسنة المصطفى فلنحمد السننا وما زلت أذكر أغنية سودانية حضرت في بيروت تلحينها قبل ثلاثة عقود من موسيقار سوداني كان من كلماتها، "يا فرايحي اللون ويا أبو عيون أحباب حلوين" ولم يسبق أن وجدت شاعرا قد صور أن للفرح لوناً إلا الشاعر السوداني. تُرى كم أب تَلوع في موعد الفرح بلوعة الفراق لحبة القلب؟، أما أنا فقد جربت هذا حين فراق ابنتي الوحيدة بين ستة من إخوانها، حين غادرت بيتنا لبيت بعلها ولحى الله الفراق في يوم الفرح. دام لابنتي أفنان أفراحها ومحبة أبيها،، وأهديهما السلام من هنا من فيينا الجميلة. بالتزامن مع صحيفة الرياض