هل فكّرت يوماً مامعنى أنك تَفهَم ؟ وماهو الفَهْم ؟ الفَهْم عملية إدراك ، وهي بالضرورة تقوم على مقومات ترتبط بالعقل ، قد يصعب قياسها حِسّياً ، لكن الفَهْم يمكن الاستدلال على درجته بالمراحل التي تقطعها رحلة التوافق بين العقل والإحساس عند الكائن الحي ، ذلك أنّ الفَهْم يتكوّن بالتراكم ، فإن نظرت إلى شيئ ستفهَمه ، وإن أطلت النّظر إليه سيزداد فَهمك له ، فالفَهْم الجيّد منوط بالتّمعّن والتّدبُّر والتّفكُّر ، ولذلك كان التّفكُّر في آيات الله عزّ وجل مفتاح فَهْم عظيم قَدْره جلّ في علاه ، هنا يكون سنام الفَهْم ومنتهى التمكُّن من هذه الهِبةالإلهية التي أودعها الله في خلقه وكانت سبباً لعمق الإيمان ورسوخ التوحيد ، كم كان التّفكُّر دليلاً على تمكُّن العاقل من مفاتيح رشده وفَهْمه لما يتعرّض له في حياته بالنّظر أو السّمع ، والعبرة في ذلك هي الدلالة على معنى الفَهْم والاسترشاد بالمعرفة في الحكم على الأشياء عن يقين وثقة تُبدد مداخل الشّك التي قد تساوره وتقوده إلى غياهب ومآلات الجَهل ، فالفَهْم هو الدرجة الأولى التي يرتقي منها الإنسان إلى الأعلى ليصل إلى المكانة الرفيعة التي يرومها ويتطلّع إليها ، إذاً هذه هي رحلة الحياة تبدأ ببذرة الفَهْم وتنتهي بثمرة سكينة الروح وطمأنينة النّفْس . "