من المعلوم أن الدولة تخطط على المدى البعيد بتمكين خريجي الجامعات من الحصول على وظائف تتناسب مع اختصاصاتهم، لذلك تجدها تشترط نسب نجاح معينة ومحددة في مختلف التخصصات، حتى تتمكن من توفير مناصب شغل لهم بعد تخرجهم، لكن ما يحدث حاليا ينافي تماما هذه القاعدة ويبدو أن الأمور تسير على عكس ما يجب، فبتنا نرى خريجي قسم الاعلام في تزايد كبير، لكنهم يعانون من شح في سوق العمل والتوظيف، وهذا ما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة بشكل مقلق لدى حاملي شهادة الصحافة والإعلام. *الإعلام اختصاص يستقطب شريحة واسعة من الطلبة* خلال السنوات القليلة الماضية تراجع إقبال الطلبة عن بعض التخصصات العلمية في الجامعة، في مقابل الإقبال الكبير على تخصصات أخرى وتحديدا اختصاص الاعلام الذي أصبح له رواجا واسعا لما له من أهمية كبيرة في هذا العصر، وازداد اهتمام الطلبة بهذا المجال مع انتشار وسائل الإعلام، خاصة القنوات التلفزيونية، حتى أصبح الكثيرون يأملون ويتمنون أن يكونوا مذيعين لامعين مثل أشهر الإعلاميين البارزين، وهنا ازداد عدد الراغبين في دراسة الإعلام حتى أصبح العدد كبيرا جدا وهذا يستدعي الوقوف كثيرا عند هذه النسب المرتفعة في مجال محدود التوجه من ناحية العمل بعد التخرج، فمن جهة سوق العمل لا يمكنها استعاب هذه الأعداد، ومن جهة أخرى يشهد مجال الإعلام تطورات وتغيرات جذرية مع ظهورإعلام السوشل ميديا وتراجع الإعلام التقليدي. *الإعلام الجديد يكبح طموح خريجي الإعلام في التوظيف * للأسف تغيرت الكثير من المعطيات والظروف التي جعلت من الكثيرين يقبلون على دراسة الصحافة والإعلام، فمع ظهور ثورة الإعلام الرقمي وانتشار مواقع التواصل الإجتماعي تسبب ذلك في إغلاق الكثير من الصحف والمجلات الورقية وتسريح موظفيها، كذلك الحال بالنسبة للقنوات التلفزيونية التي أغلقت أبوابها بسبب عجز مالي من جهة ومن جهة أخرى اكتساح مواقع التواصل الاجتماعي الواجهة ما أدى إلى انتشار البطالة بنسبة عالية لدى حاملي شهادة الصحافة والإعلام نتيجة العدد الكبير الذي يتخرج سنويا من جهة ومن جهة أخرى بسبب إغلاق الصحف والقنوات وتسريح عدد كبير من الصحافيين ما خلق أزمة حقيقة في هذا المجال. * كابوس البطالة يهدد مستقبل خريجي الصحافة والإعلام* في ظل نسبة البطالة المرتفعة وشح سوق العمل بالنسبة لخريجي الصحافة والإعلام، قمت بإجراء دراسة حول أزمة البطالة التي تهدد حاملي شهادة الصحافة والإعلام عن أسبابها وكيفية مواجهتها، وخلصت الدراسة التي قمت بها أن عملية التوظيف في القنوات التلفزيونية على سبيل المثال لا تشترط أن يكون حاملا لشهادة الصحافة والإعلام وإن كانت الأولوية لهم، غير أن شروطا كثيرة في الشخص المطلوب توظيفه كمذيع مثلا قد لا تتوفر في كثير من حاملي شهادة الاختصاص، وهذا يعني أن فرصة التوظيف قد أصبحت ضيقة، ضف إلى ذلك ظهور السوشل ميديا التي حدت من انتشار وسائل الإعلام التقليدية فأغلقت الكثير من القنوات أبوابها، وبالتالي التقليل من حظوظ التوظيف، إن المطلوب لمواجهة هذه الأزمة تبدأ من القطاع الجامعي الذي لا بد أن يقلل من عدد طلبة الصحافة والإعلام بما يسمح لهذا العدد بفرصة التوظيف بعد تخرجهم، وأن يتأقلم حاملو شهادة الصحافة بالوضع الجديد، بحسن استخدام السوشل ميديا كوسيلة جديدة من وسائل الإعلام الراهنة، وأن يتم وضع حد لاستعارة مهنة الإعلام من غير أهلها، حيث أصبح كل من هب ودب يطلق على نفسه إعلامي وينطق بما ليس له أي ارتباط بهذه المهنة التي تم تشويه مبادئها، أن يتم توجيه خريجي الإعلام نحو الاختصاص الذي يتناسب مع كفاءاتهم كالصحافة الإلكترونية أو التقديم التلفزيوني والإذاعي أو التصوير أو الإخراج أو الإعداد وغيرها من الإختصاصات المتنوعة في هذا المجال حتى نضمن نوعا من التوازن في عملية التوظيف، لذلك لا بد على حاملي شهادة الصحافة والإعلام الالتحاق بمراكزالتدريب التي تساعدهم بشكل كبير في توجيههم نحو الاختيار الأفضل، فنضمن بذلك توظيفهم على المدى القصير وفق استراتيجيات التخطيط المنظم وبالتالي نتمكن إلى حد ما من مكافحة تفشي ظاهرة البطالة التي باتت تشكل كابوسا يهدد مستقبل خريجي الصحافة والإعلام