فتح التحقيق الذي نشرته «عكاظ» حول ضرورات وجدوى دراسة الإعلام في ظل تواضع إمكانات الكليات القائمة.. شهية المتخصصين والطالبات إلى التعمق في هذا الملف، إذ يصدم الكثيرون من خريجات كليات الإعلام وخريجوها بالواقع الماثل بعد تخرجهم عقب سنوات من الجد والاجتهاد والمثابرة، وتتلخص أبرز الإشكاليات في محدودية الوظائف المتاحة لهم، في الصحف الورقية، إما لاكتفاء الصحف بأعداد المحررين الموجودين أصلا.. أو الوضع المادي المتردي لبعضها. ويعتقد الكثير من خريجي وخريجات كليات الإعلام أن الصحافة الإلكترونية فتحت أمامهم بابا جديدا للرزق. المتحدثات والمتحدثون ل «عكاظ» أشاروا إلى الدور الكبير الذي يمكن أن تؤديه الصحافة الإلكترونية في تدريب الكوادر وتأهليها أثناء الدراسة ثم توظيفهم بعد التخرج بشرط أن تتوافر لدى الصحافة الإلكترونية الدعم الكافي من مختلف الجهات المنوطة بها توظيف الخريجين وإدخالها ضمن منظومة التطوير الاقتصادي في البلاد بغرض حل أزمة البطالة أسوة بغيرها من مؤسسات القطاع الخاص. وفتحت «عكاظ» في هذا الجانب حوارا فاعلا مع المعنيين وأصحاب الاختصاص للخروج بحلول وسطى لأزمة بطالة خريجي الصحافة. الطالبة لميس الدمنهوري المتخصصة في الصحافة في كلية الإعلام في جامعة أم القرى أبدت قلقها مما أسمته تقلص فرص العمل وندرتها بالنسبة لخريجات الكلية خصوصا في مكةالمكرمة. وهذا الإحساس خلق نوعا من الإحباط واليأس وسط الدارسات والخريجات على حد سواء، إذ تذهب مجهوداتهن وسنوات دراستهن أدراج الرياح - حسب تعبيرها. وتضيف الدمنهوري: إن هذا الشعور اليائس يحبط حلم أي فتاة في تحقيق طموحاتها وأمانيها ووضع بصمتها في المجتمع كفتاة ناجحة، مؤكدة في ذات الوقت أن مخرجات التعليم المقترنة بالتدريب العملي في الربع الأخير من السنة الدراسة؛ أهلتها لممارسة العمل الصحافي باحترافية، وترى في الصحافة الإلكترونية مساحة واسعة تستوعب أعداد الخريجين والخريجات الذين تتزايد أعدادهم سنويا فضلا عن بعض الفرص في الصحف الورقية، إذا تم تنظيمها وتوفير الدعم اللازم لها من الجهات المختصة والمعنية. حقوق المهنة والمال مخاوف الطالبة علا أحمد انحصرت في عدم ضمان حقوقها المهنية والمادية من مهنة الصحافة بكافة أشكالها والتفكير المجهد في المنافسين لها، بالإضافة إلى صعوبة إيجاد البيئة الصحفية الملائمة، وشددت على ضرورة حصر التدريب الميداني داخل المعاهد والجامعات؛ إذ تواجه الطالبات مصاعب حقيقية في حقل العمل الصحافي داخل المؤسسات الصحفية، معتبرة الصحافة الإلكترونية وجهة بديلة في التدريب والتوظيف؛ لأن جميع خطوات العمل داخل شبكة الإنترنت تتم عن طريق التواصل والمراسلات بين هيئة التحرير، ما يتيح فرصة أكبر للمحررين والمحررات ممارسة أعمالهم بدون مشقة ودون دوام رسمي في مقر الصحيفة. الحظ والواسطة من جانبها، تنتقد طالبة الإعلام في جامعة أم القرى ناصرة أحمد انخراط زميلاتها الخريجات في العمل في غير تخصصهن ومع ذلك تعزو ذلك إلى عدم وجود مواقع شاغرة لهن في المؤسسات الصحفية، وهناك قلة يجدن فرصتهن إما بالحظ أو بالواسطة. وتقترتح ناصرة دعم الجامعات بكوادر مؤهلة على رأس العمل الصحفي تتولى تدريب الطالبات في الجزء العملي؛ «لأن بعضنا غير مؤهل لممارسة العمل ولا يستطيع كتابة خبر أو تقرير رغم أنهن متخصصات. فمن المسؤول عن ذلك الجامعة أم الطالبة؟ الحل في نظري هو الاتجاه إلى الصحافة الإلكترونية لغة العصر». دراسة نظرية فقط مها محسن، طالبة متخصصة في الصحافة تتحدث عن الهواجس التي تخشاها بعد التخرج فتقول: «شيء طبيعي أن نتخوف نظرا لأعداد الخريجات الذين يعانين من البطالة، كما أن الطالبة تفضل العمل الحكومي على القطاع الخاص؛ وهذا ما لا يتوفر لأن فرص الوظائف الحكومية محدودة، ما يزيد من أعداد العاطلات في صفوف الإعلام. وتضيف: إن كليات الإعلام في مختلف الجامعات لم تهيئ الخريجات إلى سوق العمل، لأنها كليات الإعلام ترتكز إلى الدراسة النظرية أكثر من التطبيق، فضلا عن قلة ساعات التدريب التي تحرم الطالبة من الاستفادة في تطبيق ما درسته على أرض الواقع، وإبراز ما لديها من إمكانيات تدفع المؤسسات الصحفية بتقديم عروض عمل مناسبة لها. فاقد الشيء الطالبة نجوى عماد الدين، ترى أن مهنة الإعلام بجميع فروعها وتحديدا الصحافة أصبح يمارسها أي شخص، فتخشى الخريجة المؤهلة على مصيرها عندما ترى مقاعده مشغولة بأشخاص يجهلون أبجديات المهنة وأخلاقياتها، وعلى شاكلة (وفاقد الشيء لا يعطيه). وتؤكد نجوى تذبذب مستويات كليات الإعلام في جوانب توفير جميع احتياجات الطالبات. ولم يتخلف رأي ماجدة الشريف عن زميلاتها وتتفق معهم في الهواجس وتقول: إن المستقبل ضبابي لخريجيات الإعلام مع اكتظاظ الساحة بمن وصفتهن بالدخلاء ممن شوهوا صورة العمل الصحفي بتسول المواد الصحفية وتجريدها من المصداقية ونزاهة المهنة. وتثني ماجدة على بعض الجامعات التي سعت إلى التهيئة الصحيحة لخريجيها لممارسة المهنة، عن طريق التعاون المشترك مع المؤسسات الوطنية من محطات التلفزة والإذاعة، أو المؤسسات الخاصة للصحف الورقية والإلكترونية، إلا أن التقصير وعدم إقامة ورشات عمل تطبيقية لتدريب هؤلاء الإعلاميين جعل العائق والفجوة تزداد.