في كلمة لوزير التعليم العالي السابق معالي الدكتور خالد العنقري في حفلة التخرج لخريجي الدفعة الرابعة من برنامج خادم الحرمين الشريفين بكندا بتاريخ 22/3/1435 ذكر معاليه في سياق حديثه «هناك 150 ألف مبتعث ومبتعثة موزعون على أكثر من 30 دولة منذ انطلاقته الأولى عام 1426ه، وتخرج من هذا البرنامج نحو 55 ألف طالب وطالبة» (موقع وزارة التعليم). هذا التصريح كان من مسؤول رسمي قبل ما يقارب الثلاث سنوات وبعد ذلك لم أجد حتى نشر هذا المقال أي تصريح حكومي بخصوص مخرجات برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي. هذا البرنامج الرائد من الدولة ما هو إلا أحد البرامج التي أطلقتها ضمن مجموعة من البرامج في الاستثمار المعرفي وبناء الشخصية التعليمية، وهو مما لا شك فيه أن نتائجه ستكون بكل المقاييس على المدى الطويل رافدا قويا في بناء جيل متعلم تعليماً متطوراً، يمتلك قدرات هائلة ومكتسبة من مدارس وثقافات شعوب لأكثر من 30 دولة. في المقابل لا بد أن يكون هناك بيئة حاضنة لهذا العدد الهائل من خريجي هذا البرنامج وليس مجرد اجتهادات وبرامج توظيف لا تتناسب مع متطلبات ما يسعى له الخريج. نعم هناك برامج استقطاب من الجامعات السعودية لبعض هذه الكوادر وهناك ما يسمى بيوم المهنة يقام في بعض الدول سنوياً ولكن كل هذه المبادرات لا يمكن أن تستوعب أو تحقق لهم ما يتطلعون له. وزارة العمل والتنمية الاجتماعية ووزارة الخدمة المدنية وغيرهما من الوزارات الخدمية لا بد أن تجد الآلية المناسبة للاستفادة من مخرجات هذا البرنامج عبر إنشاء منصة رقمية موحدة لكي تكون هي الجهة المعبرة عن ما لدينا من مخرجات لهذا البرنامج من طاقات وكفاءات لكي يتم الاستفادة منها على الوجه المطلوب. هذه المنصة ستكون هي المرجعية الأساسية لكل الوزارات الحكومية وكذلك القطاع الخاص والتي تحتاج إلى كوادر وطنية في مختلف التخصصات، ستجد كل التخصصات المطلوبة في هذه المنصة. هذا الجيل يتطلع إلى الخدمات الرقمية والتواصل بالتقنية ولدينا ثروة بشرية تلقت تعليمها في أرقى الجامعات العالمية وصرفت الدولة المليارات لكي يحصلوا على تعليم بمواصفات عالمية، تغربوا عن أوطانهم وعن ذويهم وأمضوا سنوات وهم على مقاعد الدراسة، تعرفوا على ثقافات شعوب، وعلى أنظمة حياة مقننة ليس فيها بيروقراطية مكاتب ومعاملات وانتظار لسنوات. هناك آلاف الخريجين والخريجات من هذا البرنامج لا يزالون ينتظرون بارقة أمل في الحصول على عمل يصقل ما تعلموه، يقابلها آلاف الوظائف الأكاديمية والفنية وغيرها لا يزال يشغلها متعاقدون فلماذا كل هذا العناء والانتظار؟. إن لم تكن هناك بوابة موحدة لمعرفة ما لدينا من كنز قمنا بالاستثمار فيه لسنوات وحان الوقت لكي نستثمر هذا الكنز الثمين في مجالات التنمية المختلفة لهذا الوطن، فإننا سنكون مثل الذي يرمي بذوره في أرض خصبة ويسقيها بعرقه ودمه ولكن لا يستطيع أن يستثمر حصادها على الوجه المطلوب. صدقوني الموضوع ليس بالمعجزة تحقيقه ولكن فقط يحتاج إلى مزيد من الاهتمام والتقنين والتنظيم. * أكاديمي سعودي نقلا عن عكاظ