اهتمَّ المجتمع في اليابان بتربية الطفل الياباني على الأخلاق والقيم والتقاليد الحسنة؛ لإخراج فرد يتمتّع بالصلاح، وروح المواطنة، والدأب على خدمة مجتمعه ووطنه، وينشاْ الفرد الياباني في أسرته في جو مفعم بالحنان والعطف والتعاضد بين أفراد الأسرة الواحدة. وُلدت نظريّة الإدارة اليابانيَّة من رحم البيئة الاجتماعيَّة الخاصَّة بالمجتمع الياباني، وخاصة الأسرة اليابانيَّة التي تقوم على مبدأ الاحترام لرب الأسرة، وطاعة أوامره في حين يكون مسؤولاً عنهم ومشاركًا إيَّاهم في اتخاذ القرار، وانعكس ذلك بدوره على العمل الإداري داخل المؤسسات على اعتبار أن المديرين الأفراد بمثابة الأسرة الواحدة؛ ممَّا كان له الأثر على إنتاجيتهم، وإخلاصهم لمؤسساتهم. وتعتبر اليابان من أكثر الدول ازدهارًا في العالم في العصر الحاضر، بعد أن حققت مستوى عاليًا من النمو الاقتصادي من خلال التطور السريع في الصناعات منذ نهاية الحرب العالميَّة الثانية، كما يُعتبر السوق الياباني ثالث أكبر سوق من الناحية الاقتصاديَّة على مستوى العالم بعد أمريكا والصين. الأمر الذي يشير إلى تميّز الإدارة اليابانيَّة وقدرتها على خلق المقوّمات اللازمة للنجاح، وبلوغ هذا المستوى المتقدم بين دول العالم. وتمكَّنت اليابان من تحقيق النجاح بمنتجات ذات جودة أعلى، وتكلفة أقل من منافسيها، كما تمكَّنت من الهيمنة على القوة التنافسيَّة في جميع الأسواق الصناعيَّة التي اقتحمتها، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب أهمها: - دعم الحكومة القوى للصناعات. - وجود التزام وطني رئيس تجاه جودة المنتج وتوثيقه. - تحديد الأهداف الطويلة الأجل في كافة المستويات التنظيميَّة والتنفيذيَّة، التدريب الشامل والمستمر. - الاهتمام الكبير بالعاملين وعائلاتهم، بما في ذلك التوظيف مدى الحياة لنسبة كبيرة منهم. - العمل بروح الفريق بين العاملين والإدارة والنقابات. عندما سأل أحد الصحفيين رئيس الوزراء الياباني (شينزو أبي) عن سر نهضة اليابان، فاجأب قائلاً: نحن لا نملك عقولاً خارقة، لكن لدينا معادلة بسيطة وهي: علم + أخلاق + عمل = نهضة. ومن مقوّمات نجاح الإدارة اليابانيَّة: جماعيَّة صنع القرار، فالقرار يصنع في المستويات الدنيا، ويمرر على كافة المديرين للاطلاع والتعديل، المشاركة في وضع الأهداف حيث تحدث هذه المشاركة في كافة المستويات الإداريَّة، ولا يقتصر وضعها على الإدارة العُليا وحدها، العنصر الأساس هو الإنسان، داخل العمل يبدو الجو سلطويًّا، إذ تندر مخالفة الموظفين لرؤسائهم، أو التذمر منهم، واتّقاءً لأي خلافات يجري القيام برحلات خارج العمل، وتقام الحفلات لتمتين العلاقات الاجتماعيَّة الطيبة، يمارس الموظف أكثر من عمل داخل المنظمة نفسها، بهدف التعرّف على جميع أنشطة المنظمة التي يعمل بها؛ ممّا ينوّع خبراته وقدراته، ويفتح المجال أمامه للابتكار والإبداع، وعدم الانغلاق، عدم إحالة أي موظف إلى المعاش عند بلوغ سن معينة منذ الحرب العالمية الثانية؛ ممّا كان له الأثر على تنمية روح الولاء في نفوس العاملين. [email protected] نقلا عن المدينة