لم تنطلق مبادرة المطربة الكبيرة السيدة فيروز في إصدار أسطوانتها الجديدة (إيه في أمل) من ضرورة تقديم ما هو جديد لصوت غاب مدة ما عن الساحة الغنائية وإنما لتوثيق بعض الأغاني التي مرت في حفلات كبيرة قدمتها فيروز ولم تضعها ضمن سياق توثيقي كألبومي الأرض لكم وكبيرة المزحة هي وتأصيل النموذج الحديث الذي اتبعته وحمل لواءه ابنها الموسيقار المبدع زياد الرحباني. وعودة فيروز من خلال هذا الألبوم مع زياد إنما هي تأكيد على أولوية تزاوج موسيقا زياد الجديدة مع صوت فيروز الأصيل وهنا تعطي فيروز هذا النموذج الغنائي المرتبة الأولى في ألبومها مقتنعة بمشروع زياد بخلق نمط جديد لأمه من خلال مزاوجة صوتها مع جملته الموسيقية خاصة من خلال البيانو. في ألبوم (إيه في أمل) الصادر عن فيروز للإنتاج تقدم المطربة أغنية الأرض لكم عن قصيدة لجبران خليل جبران والحان زياد الرحباني وقد أطلقت فيروز هذه الأغنية أول مرة في سورية عام 1985، أما أغاني كبيرة المزحة هي وقال قايل والله كبير وقصة زغيري كتير من كلمات وألحان زياد أيضاً فقد قدمتها فيروز سابقاً في بيت الدين بينما تعتبر أغاني إيه في امل وما شاورت حالي وكل ما الحكي لنفس الكاتب والمؤلف الأحدث في المجموعة. أما أغنية بكتب أساميهن فهي طرح جديد لأغنية بكتب اسمك وإنما بتوزيع وكلمات جديدة وتعتبر استذكاراً لعاصي ومنصور الرحباني وهي من مفاجآت الألبوم. أما المقطوعتان الموسيقيتان اللتان تتخللان الأغاني لزياد الرحباني وهما ديار بكر وتل الزعتر فتأتيان في سياق الرسالة الموسيقية التي يؤديها زياد منذ السبعينيات والتي لابد أن تتخلل أي حفل غنائي أو ألبوم بحيث تبدو الوقفة مع الموسيقا ضرورية بالنسبة لزياد الذي يوزع ويؤلف ويكتب أغلب أغاني الألبوم. وتبدو الجرأة الكبيرة لفيروز في ألبومها الجديد من خلال البنت الشلبية وهي تراث شعبي أدته فيروز في الفترة الذهبية لصوتها حيث قدمت فيها نموذجاً صوتياً فريداً من نوعه في وقت كان يفتقر فيه الوطن العربي ككل إلى هذا النمط الفني. ومع الألبوم الجديد أعادت فيروز صياغة الأغنية بعد ما يزيد على أربعين عاماً من تقديمها متجرأة على مواكبة توزيع زياد الجديد للأغنية وإنما بشكل بسيط وزادت الجرأة عن المتوقع من خلال أغنية كبيرة المزحة هي حيث بدت فيروز مغنية جاز من الطراز الرفيع وتستطيع مواكبة النحاسيات النفخية التي تسيطر على الجو العام للأغنية. أثبتت فيروز في ألبومها الجديد قدرة صوتها على الخلود وإمكانية إعادة حضوره بشكل مباشر من فترة إلى أخرى بحيث استطاعت من خلال التحفة الأخيرة تأكيد النموذج الحديث لصوتها متماوجاً مع بيانو ونفخيات زياد الذي امتلك جرأة توظيف الصوت الخالد في سياقات فنية لم يكن يدخلها سابقاً وجعل فيروز صوتا غنائيا لكل النماذج والمراحل .