لم تكن حفلتا مطربة العرب فيروز على مسرح قاعة «البيال» الرابضة على شاطئ بيروت، الأسبوع الماضي، عادية، لقد كانت غير عادية على الإطلاق، كعادة السيدة فيروز في كل خطواتها مع الفن والإبداع. الحفلتان التي أشار لهما “الأربعاء” في العدد قبل الماضي، شهدتا تألقًا واضحًا ل “جارة القمر”.. صوتها الآسر.. أداؤها وحضورها الساحر.. واختيارها للأغنيات التي قدمتها وأمتعت بها الجمهور الكبير. فالأعمال التي قدمتها أرضَت مختلف الأذواق الفيروزية، العاشقة للطرب الأصيل، سواء من قديمها أو جديدها، فقدمت سيدة الغناء مجموعة رائعة حمل القسم الأول منها توقيع زياد الرحباني، ومنها أغنيات: «راجعة بإذن الله» و «البيانو» و «عايشة» و «بما إنّو» و «كيفك انت» و «اشتقتلك» و «سلملي عليه» و «حبيت ما حبيت»، ومن الأغنيات الجديدة لزياد قدمت: «الله كبير» و «قصة زغيري كتير» و«ما شاوَرت حالي» وأخيرًا أغنية «إيه في أمل» وهذه الأغنية هي التي حملت عنوان الألبوم الجديد للسيدة فيروز، وقد صفق الجمهور كثيرًا لهذه الأغنية التي يقول مطلعها: رغم الزهر اللي متلي الحقول وشو ما تحكي وتشرحلي وتقول حبيبي حبيبي تاترجع لا مش معقول شوفي القمح اللي بيطلع بسهول شوفي المي اللي بينزل بسهول إيه في أمل. في القسم الثاني من الحفل، عادت السيدة فيروز للمسرح، وعادت لتواصل تقديم الإمتاع والطرب، فقدمت مجموعة أخرى من روائعها، ومنها: «ع الطاحوني» و «الدّوار» و «بعدَنا» و «حمرا سطيحاتِك» و«يا ريت» و «ورق» و«الأوضة المنسية» و «أمي نامت» وغيرها. السيدة فيروز أرادت لهذين الحفلين أن يكون برنامجهما متنوعًا، بين الخاص والشعبي، بين الحديث والقديم، بين الجاز والفولكلور، بين اللون الشرقي واللون الغربي، وقد رافقتها فرقة من المنشدين (كورس) وتولّت في أحيان أداء بعض الأغاني في صيغة جماعية، وقد كان اختيار الأغنيات مدروسًا بشكل دقيق، فقدمت السيدة فيروز جميع الألوان، وقدمت لزياد، وقدمت للأخوين الرحباني، ما كان الجمهور ينتظره ويتمناه، بعد زوبعة الإشكالات (العائلية) الأخيرة، والتي رسّخت وعزّزت مكانة مطربة العرب فيروز في قلوب جمهورها الكبير في كل العالم. جاء تنظيم الحفلتين في منتهى الروعة والدقة والأناقة، وبالشكل الذي يليق بمطربة هي اليوم رمز الأغنية العربية الأصيلة، وقد نفدت مبيعات التذاكر للحفلتين من قبلها بأيام. وخرج الجمهور الكبير من الحفلين وهو في غاية السعادة والاستمتاع، فمطربة العرب فيروز قدمت.. وأطربت.. وأمتعت.. وفعلت في هذين الحفلين كل ما يسعد جمهورها الذواق.. هذا الجمهور الذي أتى لها من كل المدن والقرى اللبنانية ومن كل الدول العربية.. جاء بكثافة ليست بالغريبة على حفلة السيدة فيروز.. جاء ليستمع ويعيش أجمل اللحظات مع صوت “جارة القمر”. وكان أكثر ما لفت النظر في جمهور الحفلين، الحضور المميز من قبل الشباب من الجنسين، وكان تفاعل الشبان والشابات مع الأغنيات الفيروزية غير عادي.. ولكنها فيروز.. التي اتفق العرب على أنها مطربتهم الوحيدة في هذا الزمان والمكان.