الفنون ليست هي التي يصورها (خصوم الفن) في أذهان الناس، ليست هي التعري والفسوق والتحرر، وليست هي ضد الدين، وإنما هي صور بصرية وحركية وتطبيقية متخيلة للحياة، أو هو ذلك العالم الموازي للواقع، وبه تحصل الدهشة والجمال والإحساس، وهي جزء من حياة الإنسان وليست ترفا أو شيئا زائدا على المجتمع. الإنسان البدائي في الكهوف كان يرسم على جسده، ويلبس الحلي، ويرقص، ويتخيل عوالم أخرى ويرسمها على الجدار بصورة مدهشة، يعبر بذلك عن إحساسه بالحياة، ويحدد بها هويته، ويثبت بها وجوده الكوني. عرف الإنسان القديم الإيقاع والألوان والتكوين، وفجر إحساسه من خلالها، فبات يتنفس الكون، ولو لم يعمل ذلك، لصار هو والحيوان سواء بسواء. الطفل الصغير أول ما يبدأ حياته تستثيره: الألوان، والرقص والأهازيج والقصص والحكايات والإيقاعات، والأنغام فتتكون لديه (صورة خيالية + إحساس مرهف) فينتج عنه فنون (بصرية، أدائية ، نغمية)، ولا فرق إن كان هو المنتج لها لاحقا، أو متفاعلا معها، ولكنك في النهاية لا تستطيع أن تفصله عنها وتحجب عنه عالما لا يقوم إلا به باعتباره أحد سنن الله في الكون. أول ما يبهرك في تنقلاتك السياحية عبر العالم، هي الفنون، حينها وأنت تجوب العالم تتحول إلى طفل شغوف تدهشك عوالم جديدة، وهذا هو سر سعادتك وأنت تسير بالبرمودا القصيرة والقميص المشجر والكاب المزركش. الفنون ليست من عالم السحر والشعوذة حتى نرفضها كل هذا الرفض، إنها صورة جميلة، وإحساس مرهف، وأداء مدهش، ومن جهة هي جهة حضارية للبلد، هكذا نفهم الثقافة والفنون عندما نتعامل معها، أو نديرها، أو نسوق لها، كل ما هنالك أننا نؤسس وعيا بالجمال والحب والسلام لنبقى نحن الفنانين ونحن الوطن مؤثرين في الثقافات الأخرى وناقلين لثقافة الجمال في كل أصقاع المعمورة. نقلا عن الجزيرة