منذ عشرين عاما حتى تموز العام الماضي وصولا إلى نيسان العام الحالي والمفاوضات تدور في دائرة واحدة لم تخرج منها حتى اللحظة ولم يسمح لها أن تخرج برغم المحاولات الحثيثة من قبل راعي السلام لان تحرز تقدم إلا أنها تراوح مكانها مع احتمالات ضئيلة لان تخرج من دائرة التفاوض إلى حيز الاتفاق على أسس تضمن إعادة حقوق الفلسطينيين المنهوبة والمغتصبة منذ عقود , كلما اقتربنا من نهاية نيسان الموعد المحدد للمفاوضات ازدادت تعقيدات الموقف السياسي وازداد إحباط الفلسطينيين للدرجة التي بدأت فيها القيادة تفكر عمليا في حل السلطة الفلسطينية وتحميل إسرائيل تكاليف الاحتلال كخيار من مجموعة خيارات ,لان إسرائيل تريد أن تسجن الفلسطينيين داخل مدنهم و تغلق أفواههم و تجوعهم و تعاقبهم ليبقي فك حريتهم وتقديم الطعام لهم مقابل التفاوض مع إسرائيل لأجل التفاوض وفي النهاية تفرض إسرائيل الاتفاق الذي تريده بعيدا عن قرارات الشرعية الدولية وبعيدا مبادئ القانون الدولي لحل الصراع . خرجت نيويورك تايمز نهاية الأسبوع الماضي بافتتاحية صحيفتها اليومية تقول أن إسرائيل تسببت في انهيار المفاوضات بعد امتناعها عن إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسري الفلسطينية ودعت اوباما و وزير خارجيته جون كيري لعرض مبادئ حل الدولتين على الطرفين بدل من التفاوض على قضايا خلافية و تتضمن هذه المبادئ قيام دولة فلسطينية على كامل حدود العام 1967 مع تبادل أراضي بين الطرفين حسب الكم والنوع تبقي المستوطنات الكبرى تحت السيادة الإسرائيلية , و بقاء القدس عاصمة للدولتين , وقد تكون نيويورك تايمز وضعت أصابعها على بعض الخلل في الرعاية الأمريكية لعملية المفاوضات إلا أنها لم تتمكن من تقديم الحلول التي بإمكانها أن تدفع لاستمرار المفاوضات كالاستيطان والقدسالشرقية و الأسري وحق العودة , وقد تكون هذه مقترحات أمريكية تقدم إلى الطرفين أريد بها أن تنشر في نيويورك تايمز لجس نبض الفلسطينيين عليها , لكنها غير كافية لان تكون مبادئ شاملة للتفاوض المستقبلي لان التفاوض بعد نيسان له استحقاقاته وله أسسه الهامة في عملية صنع السلام العادل والشامل بالشرق الأوسط. لا يبدو في الأفق أن المفاوضات ستنجو هذه المرة من المكر الإسرائيلي ولا من محاولات إسرائيل جعلها مفاوضات بلا تفاوض ولن تنجو من أساليب الابتزاز والتسويف وسرقة الوقت لفرض طبيعة الموقف على الأرض بالقوة لان إسرائيل لا تريد دفع استحقاق السلام حسب مشروع الدولتين أو حسب قرارات الشرعية الدولية , وإسرائيل تعتقد أنها بالإمكان أن تحصل على موافقة الفلسطينيين على تمديد المفاوضات للأبد دون أن تدفع ثمن هذا التمديد سلاما ودون الوصول لتطبيق مشروع الدولتين عبر حصار السلطة اقتصاديا و إغلاق مدنها بالمكعبات الإسمنتية و تحويلها إلى سجون , وهنا ستفشل إسرائيل كعادتها في الحسابات لأنها لن تحصل على تمديد بالتهديد و الحصار الاقتصادي و ستحصل مقابل هذا على عقاب حمل مسؤولية احتلالها منذ العام 1967 , وبعد نيسان يبقي أمام الفلسطينيين خيارات عدة منها التوجه للمجتمع الدولي وخوض المعركة دبلوماسيا وتحريك المقاومة الشعبية إلى المدى الذي بإمكانه حشد المزيد من التأييد الدولي لمساعي الفلسطينيين لنيل عضوية دولة كاملة العضوية بالأممالمتحدة وبالتالي فان كنس الاحتلال يصبح مسؤولية المجتمع الدولي وحق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية على الأرض يصبح اقرب من البقاء في دائرة التفاوض لعشرين عاما أخري. بعد نيسان الموعد المحتوم لنهاية المفاوضات لا مفاوضات مع إسرائيل إلا إذا حققت إسرائيل الأسس التي تسمح للفلسطينيين بالاستمرار على طاولة المفاوضات وأولها إخراج الأسري القادة والنواب والنساء و المرضي وكامل اسري الدفعة الرابعة ,وثانيها تجميد الاستيطان بالكامل في الضفة والقدس ,وثالثها القبول بلجنة ترسيم حدود الدولة الفلسطينية خلال فترة قصيرة ,و رابعها إدراج كافة قضايا الحل النهائي على جدول المفاوضات محكوم بإطار زمني , واعتقد أن الطرف الراعي للسلام أصبح عليه واجبات اكبر بعد نيسان في حالة توقف المفاوضات وهي العمل خارج خطوط العمل الدبلوماسي مع إسرائيل والعمل بخطوط دبلوماسية جديدة مع المجتمع الدولي وإشراك أطراف أخري كالاتحاد الأوروبي والرباعية الدولية والأممالمتحدة كأطراف ضاغطة لتطبيق قرارات الشرعية الدولية لتبقي الولاياتالمتحدة على الأقل محتفظة بماء وجهها وتحافظ على دورها المركزي في العالم ,أما إذا نجحت الولاياتالمتحدة في تمديد المفاوضات وهذا مستبعد حتى الآن عليها أن تلزم إسرائيل بتفويض طاقم مفاوضات يتم تكليفه من الكنيست لا من رئيس وزراء حكومة اليمين المتطرفة فقط ويعهد إلى الوفد التفاوض والتوصل إلى سلام تاريخي يوقع من قبل رئيس دولة إسرائيل ورئيس حكومة إسرائيل الذي يعايش تلك الفترة ,وهنا نضمن أن لا تتهرب إسرائيل من دفع استحقاقات التعايش السلمي بالإيعاز لكتل برلمانية في ائتلاف نتنياهو بالانسحاب من الائتلاف والتوجه لانتخابات مبكرة بهدف تعطيل عملية السلام , وفي كل الحالات يتوجب على الفلسطينيين عدم التوقف للمسير نحو النضال الدبلوماسي والانضمام للمعاهدات والمنظمات الأممية سعيا للعضوية الكاملة في الأممالمتحدة لتوفير الحماية للأرض والإنسان الفلسطيني حتى توقع إسرائيل اتفاقها التاريخي وتتعهد دوليا بأن جرائم ومذابح ومآسي القرن الماضي لن تتكرر بحق الشعب الفلسطينيين . [email protected]