كان متوسط أسعار النفط يدور حول 30 دولارا للبرميل قبل نحو عشر سنوات. ثم تصاعد ولكن بصورة فيها تذبذب واضح بين نزول وطلوع إلى حدود 100 دولار قبل ثلاث سنوات، وبقي مستقرا يدور حول هذا السعر إلى يومنا هذا. الجمود أو الاستقرار يعني أن منحنى الصعود في أسعار النفط متوقف منذ مدة، ولهذا تبعات. من أوضح هذه التبعات بداية الانحدار في حجم الإيرادات الحكومية، فقد كانت، وبصورة عامة في تصاعد منذ مطلع القرن الحالي لتصل إلى نحو 1240 مليار ريال في عام 2012، ثم انخفضت إلى نحو 1130 مليار ريال في العام الماضي. ومصدر الانخفاض الرئيس إيرادات النفط، لجمود الأسعار مقرونة بانخفاض حجم الصادرات النفطية، الذي أحد أسبابه تصاعد الاستهلاك المحلي بشدة. فائض الميزانية السنوي وليس التراكمي متجه إلى الانتهاء بعد بضع سنين، إلا أن يشاء الله أحداثا غير متوقعة. وهذا يعني أن نمو الإنفاق الحكومي متجه إلى التوقف، بعد سنوات من الصعود الحاد بنسبة في حدود 15 20 في المائة سنويا. ومن جهة أخرى، سعر برميل النفط المطلوب لتعادل الميزانية، أي تحقيق إيرادات تكفي النفقات، في ارتفاع خلال السنوات الماضية. وقد اقترب سعر التعادل هذا من الوصول إلى متوسط سعر النفط السائد عالميا، أي قرابة 100 دولار تقريبا للبرميل. من التبعات أن التضخم في انحسار، وينطبق ذلك طبعا على أسعار الأراضي. بل المتوقع نزول نسبي صغير في أسعارها، أما النزول الكبير أو الانهيار فمستبعد، طالما بقيت أسعار النفط متماسكة، وطالما بقي فرض ضرائب معتبرة على الأراضي البيضاء مجرد آراء واقتراحات. الترابط الوثيق بين مستويات الإنفاق الحكومي وأسعار وإيرادات النفط في دول الخليج معروف للقاصي والداني. وفي هذا نطاق هذا الترابط، هل سيفرض جمود أو انخفاض إيرادات النفط انخفاضا غير حاد، هل سيفرض على الحكومة خفض إنفاقها؟ يتوقع أن يحافظ الإنفاق الحكومي على زخمه في السنوات القليلة المقبلة، طالما لم تنحدر إيرادات النفط انحدارا حادا، ولكنه سيكون (الإنفاق) من دون نمو تقريبا، وهذا على خلاف ما حدث في السنوات العشر الماضية، حيث بلغ متوسط نمو الإنفاق الحكومي نحو 20 في المائة. ونقول إن هذا الزخم في الإنفاق متوقع استمراره على المدى المتوسط، لثلاثة أسباب رئيسة: أولا لوجود احتياطيات هائلة، وثانيا لأن الحكومة ادخرت نسبة كبيرة من أرباح أسهمها في الشركات ك "سابك والاتصالات وسامبا" خلال السنوات الماضية، ويستنتج ذلك من أرقام الإيرادات "موقع مؤسسة النقد". وثالثا، الظروف الحالية تزيد من الحاجة إلى استمرار الإنفاق الحكومي دون خفض عن الوتيرة الحالية. لو تدهورت أسعار النفط سنين عديدة لتحول الأمر إلى مشكلة كبرى. واحتمال هذا وارد. وهذا يعني وجوب إعطاء مزيد من الاهتمام لتنويع مرسخ لمصادر الدخل، وزيادة نسبة إيرادات الحكومة غير النفطية على المدى البعيد. كما يتطلب زيادة الاهتمام ببنية وفعالية إدارة الإنفاق العام والرقابة عليه. وبالله التوفيق،،، نقلا عن الاقتصادية