إلى الآن لم تنجح الحلول التي استخدمناها لعلاج البطالة لأن تعريفنا للبطالة خاطئ، وبالتالي جميع الحلول التي اتخذناها مسكّنة تؤدي إلى تفاقم البطالة وليس القضاء عليها، فنحن نستخدم تعريف البطالة التقليدية نقلا عن المنظمات الدولية ومؤسسات الإحصاء في الدول المتقدمة وكتب الاقتصاد الاكاديمية ولكن هذه التعاريف لا تنطبق على البطالة في المملكة. للتوضيح سنبدأ بمثال يصف حالة البطالة لدينا وحالة البطالة في الدول الأخرى: نفترض ان البطالة غرفة لها بابان أحدهما للدخول والآخر للخروج ويقف على كل باب موظف مصلحة الإحصاءات. عندما يدخل قادم جديد (عاطل) للغرفة يطبع موظف المصلحة على ساعده تاريخ دخوله للغرفة باليوم والشهر والسنة وكذلك عند الخروج يسجل بواب الخروج تاريخ خروجه من الغرفة باليوم والشهر والسنة ثم يسجل المدة التي قضاها العاطل داخل الغرفة. عندما نراجع سجلات غرفة البطالة في دولة حديثة نجد أن أقدم تاريخ دخول العاطلين الموجودين في الغرفة لا يتجاوز ستة شهور (وهم القلة) بينما معظم التواريخ الأخرى لا تتجاوز الثلاثة شهور وبعضها لا يتجاوز الشهر كأنهم عابري سبيل يقضون فترة استجمام يتقاضون خلالها تعويض بدل البطالة ثم لا يلبثون طويلا حتى يخرجون الى أعمال جديدة – غالبا – أفضل من أعمالهم السابقة فيساهمون في انتاج الناتج القومي لأوطانهم ويحصلون على أجور مجزية يدفعون جزءا منها ضرائب للحكومة (أضعاف ما تقاضوه وقت بطالتهم). عندما ندخل غرفة البطالة لدينا نجد ان تاريخ دخول معظم الموجودين في الغرفة لهم سنوات طويلة وان معظم الخارجين من الغرفة يخرجون بالقطارة للعمل عند رب عمل لا يرغب في توظيفهم (رغم ان نصف اجورهم يتحملها صندوق موارد الحكومة) وانما فقط يوظفهم ليستفيد من المعونات والعقود السخية والحصول على اضعافهم تأشيرات استقدام عمالة رديئة بأجور السخرة لتدريبهم على رأس العمل لينتجوا انتاجا رديئا معظمه حشفا وسوء كيل تشتريه الحكومة (باسم مشاريع البنية التحتية، وعقود النظافة، وعقود الصيانة.. وهلمّ جرّا) بأغلى الأسعار. بعض أعضاء مجلس الشورى لهم شطحات من شطحاتهم تعريف البطالة قال بعضهم (على ذمة بعض وسائل الإعلام): لا يوجد لدينا بطالة كما يوجد في الدول الاخرى لأن البطالة لدينا اختيارية وليست إجبارية فالمواطن الذي يرغب في العمل ما عليه الا ان يشمر عن ساعديه ثم ينزل الميدان ليجد عملا كما يجده أكثر من سبعة ملايين عامل أجنبي يعملون في البلد. هذا التعريف الغريب للبطالة لدينا كأنه يطالب العامل ليس فقط لأن يعمل بالمجان بل أيضا ليدفع من جيبه الخاوي نقودا لرب العمل لأن العمال الأجانب يعملون طوال النهار وأطراف الليل بأجور لا تزيد في المتوسط عن ألف ريال وهي لا تكفي أجور مواصلات للعامل الوطني. نحن لا نريد ان ننتقد م جلس الشورى ولكن بعض أعضاء المجلس هم الذين يعشقون الانتقاد وكأن لسان حالهم يقول أنا انتقد (بضم الألف وتسكين النون) فأنا إذن مشهور. البطالة لدينا لا يمكن حلها بالترقيع فسوق العمل لدينا – بل اقتصادنا جميعه – لا يختلف عن كوبري الثمامة معرض (إذا لم نتدارك الامر بالإصلاح) للانهيار المفاجئ عند انجراف قواعده بسبب سوء استغلال التربة (وفقا لتصريحات المتحدث الرسمي لوزارة النقل). نقلا ن الرياض