يحذرون من الإخوان والإسلام السياسي، وما يسمى بالاقتصاد الإسلامي هو من صنائعهم وإحدى أهم مداخيلهم ووسائلهم الإعلامية لترويج شعارهم السياسي «الإسلام هو الحل». وأطروحاتهم وكتبهم في ما يسمى بالاقتصاد الإسلامي ليست أحسن حالاً من حيث الواقعية والعلمية من حال أطروحاتهم السياسية، بل هي أسوأ حالا بمراحل دينا ومنطقا وواقعا وتطبيقا. والعرب يتبعون سياسة تجاهل معالجة المنابع. وليس هذا فقط، بل ويزودونها بالتسهيلات والدعم، حتى إذا ما تجمعت المنابع وسار الطوفان وقفوا أمامه في عملية صد مكلفة إنسانيا واقتصاديا، وما أفغانستان عنا ببعيد. الإسلام الاقتصادي لا يقل ضررا عن الإسلام السياسي، بل هو في الواقع أصل الحركات السياسية الإسلامية. فالفقر هو محرك الثورات مهما اتخذت الثورات لها من شعارات متنوعة. والإسلاميون السياسيون يعدون الناس برغد العيش بتطبيق الإسلام الاقتصادي الذي نظروا له تنظيرا بعيدا عن الدين والعلمية والواقعية التطبيقية. يهتم الساسة والاقتصاديون والإعلام في العالم العربي للإسلام السياسي لأنه قوة تنفيذية قادرة على إفساد الحياة بجميع جوانبها السياسية والاقتصادية والإنسانية. ولكنهم يتهاونون، بل ويدعمون الإسلام الاقتصادي لأنه لا يملك القوة التنفيذية للخروج عن السلطة ومدعوم من رجال المال والبنوك. فالإسلام الاقتصادي غير مطبق إلا على عامة الناس دون مستوى الدول والشركات الكبرى والتجار الذين لا يتعاملون مع عامة الشارع. وفي حالة التعامل مع الشارع، فان الإسلام الاقتصادي هو مركب الأرباح والوسيلة الدعائية المجانية للشركات والتجار في استغلال سذاجة الشارع. الإسلام الاقتصادي اليوم هو مجرد صورة أو ترجمة ألفاظ أجنبية اقتصادية إلى ألفاظ شرعية مع بعض التنطع المتكلف المكلف اقتصاديا والذي يدفع كلفته أفراد العامة من الشارع الإسلامي. ولهذا فهو يلقى دعما من غالب الدول تقريبا، الإسلامية وغيرها. فأما غير الإسلامية فهم يرون فيه أرباحا مجانية على حساب أشخاص - جهلوا دينهم- خارج أوطانهم أو أقليات في بلادهم لا يحسب لها حسابا في موازين السياسية. وأما الدول الإسلامية فهم يظنون أنه وسيلة لإرضاء رغبات الشارع الإسلامي دون كلفة يتحملها التجار أو الحكومات. وكذا هو تصور رجال الدين الذين لم يتورطوا في ما يسمى بالاقتصاد الإسلامي وتوابعه. وهذا تصور، في اعتقادي، خاطئ. فما يسمى بالاقتصاد الإسلامي وما يتبعه من صيرفية ونحوها قد أفسدت الفكر الاقتصادي الصحيح للعاملين في هذه المجالات وأشغلتهم فيما يخلط عليهم فهم الأمور بصورة علمية. والإسلام الاقتصادي يزعم بأنه إسلامي وان أطروحاته تبعا للشريعة، وما هي كذلك. ولذا، فعندما يكتشف الناس بعد عقد أو عقدين أو اقل أو أكثر مدى الخطأ الذي كانوا يعيشونه بدعم من الحكومات والتجار وجماعة الإسلام الاقتصادي مع سكوت رجال الدين، عندها لن تقف الملامة على الدين ورجال الدين فقط بل ستلحق الحكومات في الجانب الأغلب منها. ولا يتوقف ضرر الإسلام الاقتصادي على ما سبق. فالتحجير على الشارع اقتصاديا إرضاء له بحجة الإسلام الاقتصادي هو تحجير للاقتصاد الكلي وظلم للشارع الذي يجهل الأمور الاقتصادية. والشعوب العربية - جميعها لم تجرب تطبيق الاقتصاد العلمي الواقعي. فجميعها عاش معتمدا على حكوماته سواء أكانت بترولية أو اشتراكية، ولذا يسهل عليها خداعها بتحميل الملامة على حكوماتها وإيهامها بأن واقعها غير المقنع اقتصادياً هو بسبب عدم تطبيق الإسلام الاقتصادي وهذا هو المدخل الأقوى تأثيرا في فوز الإسلاميين في الانتخابات في دول الثورات العربية. ولذا فإن من أهم أدوات توعية الناس على خطورة الإسلام السياسي هو توعيتهم بضرر الإسلام الاقتصادي عليهم في معيشتهمb وعلى دينهم وعلى عقولهم. نقلا عن الجزيرة